الكياسة والفطانة والنظر إلى بعيد وفهم عواقب البقاء في العناد, أمر في غاية الأهمية لوكان الزعيم يتبصر الأمور، بدلا من البقاء في الإخفاقات المتتالية وتلفيق التهم على الآخرين وإنكار المسئولية من كل ما يحصل في البلاد على العباد.. وخير للزعيم أن يرضى بحكم 33عاماً خلت بدلاً من التربص بالآخر والظن بالعودة إلى ما تبقى من طموحه في حين المجتمع الدولي يطالب بالتخلص من ماضي الزعيم وتجاوزه..
وهي رسالة واضحة لا تحتاج إلى تفكيك شفرة لو أن هناك أذناً واعية، ولطالما كتبنا بصدق للزعيم أن يرضى بما قسم الله واختاره الشعب بدلاً من ركوب أمواج الخطر وأن يغتنم فرص المتبقي من العمر ليعيش خالي البال مع حاله, تاركاً السلطة مغرماً- على حد قوله- لمن يرتضيه الشعب قسماً ونصيباً.
قلنا ذلك من وقت مبكر وحذرنا من عواقب البقاء في التمترس والتنغيص على الحال والآخرون واتخاذ المواقف التي لا طائل منها سوى الوقوع في الخطأ وتمكين مجلس الأمن من إصدار قرارات تضر بقوة مصالح الزعيم ومن لف لفه.
وكنا في خطابنا للزعيم نحاول أن نكشف متواليات القادم المؤلم إن بقي على عهده يجر البلاد الى متاهات قال بها في أول ثورة فبراير من أن اليمن ستقع في الفوضى والتخريب والتدمير للمنشآت والتشظي وربما الانفصال وكأنه برنامج عمل قادم فيما لو تخلى عن الكرسي، وربما أن شيئا كثيراً من نبوءة الزعيم تحققت غير أن رصد المجتمع الدولي لكل ما يجري ومعرفة أسباب كل ذلك ومن يقف وراء تعطيل الحياة والمبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني ومن يعمل على عدم تطبيع الأوضاع هو في متناول مجلس الأمن ليس عبر جمال بن عمر وحده وإنما من مصادر عدة.
ولعل الزعيم تعامل مع مجلس الأمن وكأنه يتعامل مع الشعب إبان كان رئيساً, ظناً منه أن ما يقوله ينبغي أخذه على محمل الجد حتى ولو كان مجرد كلام قيل في دعاية انتخابية أو مهرجان حشد له الشعبي العام.
والأمر ليس كذلك البتة هنا.. فما يجري من تحولات سلبية أو إيجابية تهم المجتمع الدولي وهو جاد في تطبيق المبادرة وما يدعو إليه من أمن واستقرار وما توافق عليه المخلصون في الحوار الوطني.. وفهم هذا البعد الخارجي على غاية من الأهمية, فالعالم اليوم صار- بفعل تقارب المصالح- أشبه بقرية واحدة وزمن العولمة والفضاء (السيبرنطيقي) يجتاح بقوة كل ماهو على ظهر الأرض عدا الزعيم الذي انغلق في التفكير وصار هاجسه إقناع العالم بما ليس صحيحاً وهو ماكنا نخشاه ولا نريده- بفعل عقليات متكلسة من حوله- تعمل على الخطأ ولا تفكر إلى البعيد وعاجزة تماما عن تشوف المستقبل وبالتالي لا تملك الوعي الكافي بأي قادم له أضراره، وهو بالفعل ما يجري لأن الذين مارسوا الزيف سابقا على الزعيم وعلى الشعب هم ذاتهم الذين يحللون المتغير وفق رغباتهم وما يرضي الزعيم وليس من الواقع القائم وتحولاته.. من أجل ذلك ظل التمادي في الخطأ يصب في طريق وطن ومصالح الدول العظمى وغير العظمى..
وهنا نفهم ما قاله بصدق فخامة رئيس الجمهورية (عبد ربه منصور ):(لا يمكن لعاقل أن يقف حجر عثرة أمام هذا الإجماع الوطني والدولي) وهي كلمة معبرة عن وعي عميق, كنا نتمنى لو أنها تجسدت حكمة لدى الزعيم بدلاً من المكايدات السياسية والاشتغال على النقيض وتفويت فرص نجاة كبيرة والحرص على تاريخ ومكانة وليس السعي إلى مالم يعد ممكنا, هذا ما توخيناه وتمنيناه، غير أن الذين يريدون السلطة المقربين من الزعيم يسعون إلى المغالطة والحماقة.
هكذا نراهم وما يبثونه ويروجون له من دعاية أن القرار الأممي يضع البلاد تحت طائلة البند السابع إنما يزيدون الطين بلة ويعمدون إلى الخطأ الأقدح والقرار واضح لا لبس فيه يستهدف من يعيقون التسوية وعملية البناء من أشخاص أو جماعة، وهو يصب في مصلحة الوطن تماما.. غير أن رغبة الكيد تشكل عادة دأب عليها المتجمهرون حول الزعيم ليوقعوه في متواليات عناد تكون نتائجها مؤلمة, لذلك لابد من التفكير بموضوعية وفهم معنى قرار مجلس الأمن ومازال هناك فسحة أمل لاتخاذ موقف حقيقي يؤكد التخلي عن المراوغة السياسية التي باتت تقلق المجتمع الدولي وترهق بلادا بأسرها.
ومهما اشتغل المتمصلحون على البقاء في التنكيد السياسي فلن يتحمل وزر خبثهم غير الزعيم, فهل يستوعب هذا ويتخذ موقفا يعطل مشروع القوى الانتهازية؟ أم سيبقى أسير أطماعهم وتغريداتهم ورغباتهم الاستحواذية؟.. سؤالان مطروحان على الزعيم ذاته لا غيره باعتباره صاحب مصلحة الخروج من دائرة لغة الإدانة الدولية التي قربه إليها أعوانه ليبقوا كالمثل الشعبي (آكلين خيرها.. سالمين شرها)..
محمد اللوزي
ماضي الزعيم والتربص بالآخر 1605