السؤال المهم الذي علينا أن نجيب عليه بكل وضوح لماذا قامت الثورة في اليمن وهل الأوضاع التي كان يعيشها تتطلب قيام ثورة!؟.
توصيف الأوضاع في اليمن قبل الثورة لم يكن يحتاج إلى بذل جهد أو مزيد عناء فكل شيء كان في تدهور مستمر، الفساد في تضاعف مستمر الفقر كذلك اتسعت رقعته وكاد الشعب اليمني جله أن يدخل تحت خط الفقر الديمقراطية تراجعت إلى مستوى يهدد بقاء الأحزاب ونسف العملية الديمقراطية، تزوير الانتخابات، تسخير مقدرات الدولة والمال العام لصالح أشخاص متنفذين، الاستيلاء على الجيش وتحويلة إلى جيش عائلي، الاستحواذ على حقول النفط وحق الامتياز الرشوة والمحسوبية فساد القضاء البطالة، فشل التوصل إلى حلول للقضايا العالقة مع المعارضة، كل شيء من حولنا كان يتراجع فكان لابد من قيام ثورة، لقد تعرض الشعب اليمني لمؤامرات عديدة لتطويعه وعمل ترسيم لحركته وطموحاته من قبل قوي إقليمية ودولية خوفاً من تصدير الثورة و تم إعادة القوى التي ثار عليها الشعب إلى سدة الحكم مرة أخرى وها هو اليوم يتعرض لنفس المؤامرات ولكن بوسائل وطرق أخرى لإجهاض الثورة، هناك العديد من الأطراف تعتقد أنها تضررت بنجاح التغيير في اليمن فجمعتها أهداف معاداة الثورة، الطرف الأول صالح ونظامه العائلي الذي كان يهيئ نفسه لسحق المعارضة وتوريث الحكم الطرف الثاني الحوثيين الذين كانوا يعدون أنفسهم لاستلام الحكم بعد أن تغلغلوا في مؤسسات الدولة بموجب الاتفاق الشهير الذي انتهى بتقاسم الحكم بين الجمهوريين والملكيين الطرف الثالث الحراك الجنوبي المسلح المتشدد الذي كان يعد نفسه لاستلام الجنوب، الطرف الرابع أطراف تتصور أنها سوف تتضرر إذا استقر اليمن واتجه نحو البناء والتنمية، الثورة المضادة في اليمن هم بقايا ملكيين وبقايا الحكم العائلي والذين فقدوا السلطة والحكم في الجنوب ومن المتسلقين للسلطة الذين امتصوا عرق الشعب ونهبوا خيراته.
ماذا سيقدم هؤلاء بعد أن أعطيت لهم الفرصة وفشلوا في الحكم، نحن اليوم أمام معطيات جديدة فرضتها ثورة الشباب الشعبية السلمية والمتغيرات الثورية المنبثقة من اتفاقية نقل السلطة وقرارات مجلس الأمن الدولي ومخرجات الحوار الوطني الملزمة لكل الأطراف بعد أن تنتظم على شكل دستور يستفتي عليه الشعب وقوانين تمثل المنظومة التشريعية للدولة الاتحادية الجديدة، الوضع الجديد يتطلب تعاون الجميع والانخراط في العملية الانتقالية الجديدة وتأسيس الدستور وبناء الأقاليم، ينبغي ألا تعطى الحصانة لقاتل، ينبغي استعادة الأموال المنهوبة لأنها أموال الشعب والدولة بحاجة إليها في دعم الاقتصاد، ملاحقة القتلة والمجرمين جنائياً من أهم القضايا التي ينبغي أن تكون محل اهتمام الثوار وكذلك عدم السماح بوجود مليشيات مسلحة تهدد كيان الدولة، لقد كان الباب مفتوحاً لمشاركة الجميع في صنع المستقبل الجديد إلا أن بعض الأطراف أبت إلا أن تكون مسكونة بحلم الماضي وتأبى الاعتراف بالمتغيرات التي حدثت بل وتريد أن تعيدنا إلى الوضع السابق، الثورة المضادة تعمل ليل نهار للانقضاض على الثورة وإفشالها وهي موجودة في جميع مفاصل الدولة فعلينا الانتباه وعدم التسليم لمخططاتها!! من حق شعبنا علينا ومن حق الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية أن نواصل السير على دربهم ونحقق ما ماتوا من أجلة مهما كانت التضحيات والصعوبات، العودة إلى الوراء غير ممكنة ولو خطوة واحدة، السماح للثورة المضادة بأن تنفد مخططاتها وتنشر الأراجيف وتعبث بأمن واستقرار الوطن خيانة للثورة ودماء الشهداء.
إيها الساسة والمثقفون والنُخب: لقد منحكم الشعب فرصة لتثبتوا حبكم وولائكم للوطن ومدى حرصكم على مصالحه فأن أنتم أخفقتم وغلبتم مصالحكم وأبيتم ألا يكون الوطن آخر ما تفكرون فيه فالشعب قادر على أن يحمي ثورته وعلى المجتمع الدولي احترام إرادة الشعب اليمني الذي خرج بالملايين إلى ساحات الثورة والتغيير وفرض عقوبات صارمة على المعرقلين للتسوية السياسية في اليمن بما فيها تجميد الأموال التي يتم استخدامها في تدمير العملية السياسية، نحن الآن أمام شرعية جديدة تشكلت بموجب المبادرة والتوافق فلا يجوز أن تبقى الملفات مفتوحة ومبعثرة دون حلول، إنجاز الدستور والاستفتاء عليه استكمال التشريعات للانتقال إلى الأقاليم، هيكلة الجيش والأمن، دراسة الوضع القانوني للمجالس المحلية واتخاذ ما يلزم بشأنها، سحب السلاح الثقيل من المليشيات المسلحة، فرض الأمن والاستقرار قطع الطريق على الثورة المضادة والقضاء على حلمها في العودة واجب ثوري ومصلحة وطنية قصوى على كل الوطنيين والثوار، المجتمع الدولي أبدى استعداده لدعم اليمن ومعاقبة المعرقلين فماذا تنتظر الدولة بعدما خرج الشعب مرة أخرى إلى الميادين في الذكرى الثالثة لقيام الثورة ليؤكد دعمه للدولة ومخرجات الحوار والانتقال إلى الوضع الجديد؟.
سمير عبد السلام
الثورة المضادة وحُلم العودة! 1161