الحال في بلادنا لم يعد قادر على الصمود أكثر, فكل يوم بأحداثه ينزاح من على كاهل المواطنين يتفاءلون خيراً باليوم القادم علّه يحمل لهم بصيص أمل تبشر بالانتقال إلى مرحلة الهدوء والتقدم والسلام.
فلله الحمد في الأول والآخر لما حدث ويحدث لنا ولليمن السعيد, لست متشائماً من المستقبل القريب, فبالرغم من وضع اليمن تحت الوصاية الدولية (قرار الأم الجافية) إلا أن الأوضاع تجدِّف نحو شاطئ الأمان والخير, وتتحسن الآمال تدريجياً كل دقة قلب.
اقترب ذلك الجميل حتى أصبح أكثر من مجرد تفاءل, وتخطى اليمانيون بحكمتهم ولين أفئدتهم أصعب الحواجز والمراحل والمعوقات التي كادت أن تودي بحياتهم وحياة وطنهم. ومازالوا قادرين على تخطي أشد من ذلك, فقرار مجلس الأمن بالنسبة لليمنيين ليس إلا مجرد كبوة حصان حصلت كغلطة بسيطة من شأنها أن تزيد اليمن توحداً وتلاحم, وليس حجر عثرة يقف أمامها الشعب حائراً عاجزاً عن التصرف.
اكتملت الدائرة الانتقالية اليوم والتقت خطوط العمل بخطوط الأمل, وأثبت بعض أمراض النفوس نجاح نظرياتهم الهدامة في زرع المحن لإيقاظ الفتن بطرقهم الحسابية الخاصة. وانطلقت هنالك الأقلام لكتابة الآلام, وتألم وما زال يتألم الوطنيون الخائفون على وطنهم من قرارات يتخذها العالم ضد وطنهم بسبب فئة صغيرة خارجة عن الدين والإنسانية.
حتى أصبحت الدولة اليمنية بعظمتها مقعدة على كرسي المعاقين يتحكم بسيرها طفل لا يبلغ من العمر عشر سنوات.
لقد شهدت ومازالت تشهد ساحة الوطن الغالي في الفترة الحديدية الصلبة والقاسية تطبيقات عملية لكل التجارب المختلفة الهدامة والبناءة وغيرها, وظهر هنالك مصمموها ومنفذوها والمنَفَّذُ لهم أو ضدهم وأدوات التنفيذ والمكان المُنفذ فيه وانتهى, فكانت الخسائر والمكاسب كلٌ حسب تجربته ونظريته.
لم تقتصر تلك التطبيقات على اليمنيين فحسب, بل لقد فسحنا المجال للغير من دول أجنبية عدة, واستقبلناهم بسخاء ومروءة وصدور واسعة ورحبنا بهم أشد ترحيب من أجل تطبيق وإثبات نظرياتهم وسلوكياتهم على أرض الواقع في أرض المواقع, فكان منا المؤيدون ومنا المعارضون ومنا دون ذلك.
ها نحن اليوم وبعد أن وصلنا إلى بعض ما تم الاتفاق عليه سراً وعلناً, وبعد أن قضى كل منكم وطرهُ, وحصل على ما كان يصبوا إليه وإن كان الوقت ضيقاً على البعض ولم يسعفه ذلك في تحقيق مآربه كلها أو بعض منها, فإن آلة الزمن توقفت وانطلقت صفارة الشعب معلنة نهاية مبارياتكم فارحلوا جميعاً دون قيد أو شرط.
دعوا الشعب ينظف ما خلّفت حماقاتكم ومحاولاتكم الممنهجة وابحثوا عن وطن آخر لإتمام ومواصلة قماركم, فاليمن لم يعد بحاجة إلى نفاياتكم, لأن الصبر مهما طال ينفد ولو نفد فعواقبه وخيمة.
هناك شيء جميل يتصف به وطني الطيب فمهما نفد صبره وتماديتم بإصراركم على التخريب فإن عواقبه دائماً ما تأتي بحكمة ورقّة قلب تجعلكم تندمون على ما اقترفت أنفسكم وأيديكم من سوء وتمنون أن لو كانت عواقبه بالعنف والغضب لا بالصبر والحكمة, فعندما نفد صبر الشعب اليمني على الفساد والظلم انطلق فاتحاً ذراعيه يستقبل القذائف بصدره, ويزأر في شدة انفجار القنابل بصوته, ويقتل الفساد بسلمه وحلمه, ولم يرفع على أخوته السلاح بالرغم من امتلاكه له بشتى أنواعه وأحجامه.
وهناك استغرب العالم كله من تلك الطريقة الحكيمة, وتنحى الفساد جانباً مع الشيطان يشكوا اليمنيين من شدة عذابهم له الذي لم يتح له الفرصة بأن يرد الفعل العنيف كما كان يخطط, وهاهم اليمانيون ينتزعون الفساد من جذوره شيئاً فشيئاً بالعذاب البطيء وإن كانت العملية بطيئة فالشعب ليس بمستعجل كما يريد البعض فالصبر مفتاح الفرج.
هناك شيء يقترحه لكم الوطن في سبيل الإصلاح والنهوض إلى أفضل مما كان عليه سابقاً, هو من باب إعادة تأهيل وإعمار عقلاني لكل طرف من أطراف النزاع بالانضمام والوقوف إلى جانب الشعب الذي وقف ومازال يقف إلى جانبكم كجمهور مشجعين لا يقدر حتى على تغيير نتائج مبارياتكم سوى الصراخ الجماعي بالتأييد أو التنديد لمن أشار إليه منكم علّ ذلك يساعده في التخلص من هذه اللعبة التي أنهكت كاهله.
إن ذلك الاقتراح هو فتح بوابتين فقط: الأولى إلى تاريخ الوطن والأخرى إلى مزبلته, وعلى كل طرف من الأطراف اليمنية المتخاصمة أن تختار لنفسها البوابة المناسبة وبأسرع وقت ممكن, وإني لأنصحكم وأطلب منكم أن تجمعوا شتاتكم وآلامكم مهما كان حجمها وعظمتها وسيساعدكم بذلك الشعب وانسوا ما كنتم عليه وادخلوا بوابة التاريخ رافعي رؤوسكم لا تخافون خرافات الزمان وليضم كل منكم قوته إلى قوة أخيه أو خصمه من أجل اليمن ولتنشئوا بذلك قوة واحدة في قلب يمني واحد ولتشقوا بها طريق الحب والسلام والوئام نحو اليمن السعيد, فكلكم أبناء هذا الوطن وحراسه وحماته.
فبدل أن تُثبتوا قوتكم سلباً للعالم الذي يسخر منكم لا أقل ولا أكثر, فلتكن نظريتكم واحدة و برهنوا للعالم كله أنكم شعب الإيمان والحكمة وأنكم قادرون على بناء الوطن ونصرة شعبه دون الرجوع إلى أي منهم, ولتكن قوتكم وطن,, والوطن يتسع للجميع.
Shehabrasam2@yahoo.com