طوال فترة ما قبل احداث الحادي عشر من فبراير ظلت السلطة والوظيفة العامة مصبوغة بلون واحد لم تتغير وظل مشروع التوريث كابوساً يراود حياة اليمنيين طيلة عشرون عاماً امتد ما بين ما بعد حرب صيف 94 حتى ما قبل نوفمبر 2011 م انفرد خلالها الحكم العائلي ممثلاً بحزب المؤتمر بالحكم والوظيفة العامة يُقرب من يشاء ويُقصي من يشاء وفقاً لمزاجه السياسي ولم يعول الإصلاح ولا الاشتراكي من إقصاء كوادره لمصلحة أحصنة الدولة .
33 سنة من الحكم العائلي ومع ذلك لم يستفيدوا من مجريات الأحداث وتقلبات الأيام التي أصعدتهم الى منصة الحكم وأجلستهم على الكراسي الدوارة حتى دارت عليم الدائرة واتت أحداث الربيع العربي لتعم بذلك بلادنا التي شهدت انتفاضة شبابية شعبية أسقطت رأس الفساد وبسقوطه من الحكم ألغت معها مشروع احتكار الحكم وتوريثه .
ولأنها ثورة تغيير كان من الطبيعي أن يتم استبدال الفاسدين في الوظائف العامة الذين جثموا بجشعهم وطمعهم سنوات طويلة على مقدرات الوطن مستغلين صلاحياتهم في تلك الفترة بذوي الكفاءة والنزاهة ، وليسُ من المقبول عقلاً اعتبار تعيين النزيه والكفء بدل الفاسد المتسلط إقصاءٌ أو تهميش كما انه لا يمكن اعتبار التدوير الوظيفي استهداف سياسي .
وفي العودة إلى أحداث الحادي عشر من فبراير وما أعقبها من تشكيل لحومة الوفاق الوطني نجد ان ثمة حقائق ينبغي ألا يتجاهلها عاقل وهي أن المؤتمر الشعبي العام يحتلون نصف مقاعد الحكومة كما ان أكثر نواب الوزراء ووكلاؤهم وأغلب مدراء العموم ورؤساء المؤسسات الحكومية ينتمون للمؤتمر بإضافة الى أن رئاسات 97 % من الجامعات الحكومية وعمداء أكثر الكليات جميعهم مؤتمر ،إذ لا تزال 18 محافظة جميع محافظوها مؤتمر وأن جُل مقاعد السلطة المحلية هي ايضاً مؤتمر ، حتى مدراء الامن وعقال الحارات معظمهم من حزب المؤتمر وهذا يؤكد مدى توغل الحزب داخل مؤسسات وأجهزة الدولة .
لقد أتت المحاصصة السياسية والحصانة لتمكن لحزب المؤتمر من البقاء داخل مؤسسات الدولة كما ان إشراك الآخرين من المكونات السياسية تحت مسمى المحاصصة فتح ثغرة للنظام السابق من اصدار الاتهامات ضد حلفائه السياسيين من أجل أن يبقي كل شيء على ما كان عليه قبل تشكيل حكومة الوفاق ، ومع ذلك لم يعزف اللقاء المشترك ولا إعلامه على وتر أحصنة الوظيفة كما نرى المؤتمر وإعلامه المضاد للتغيير بألاء الوفاق يُكذبان .
وبناءً على ما سبق ذكره يمكن القول أن السلوك الذي انتهجه الرئيس السابق وعائلته وأزلامه الذين رافقوه طوال فترة حكمه كان سيئاً للغاية حتى غابت معايير الوطنية وأصبح من السهل تغليب الاتهام ، وكالمعتاد ابتدع الفاسدون شيطنة المصلحة تحت مزاعم الأخونة لذا ليس بمستغرب إثارة الذين تضرروا من الثورة والتغيير لمثل هذه الإشاعات الكاذبة وهو تقليد مكشوف لما قام به الإعلام المصري عقب الانقلاب في الثلاثين من نوفمبر ضد ثورة 25 يناير .
فارس الشعري
المؤتمر .. واحتكار الوظيفة العامة للدولة 1244