كان تصرفاً غير حضاري الذي ارتكبه مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون المقال باقتحامه ديوان المؤسسة بحشد من الجند المدججين بالسلاح والذين أثاروا الذعر لدى الموظفين وقاموا بضرب أحد الزملاء ضرباً مبرحاً, بما يعد انتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات المدنية ويعبّر عن صلافة وبدائية في التعامل مع الوظيفة، ويعكس صورة مخيبة للآمال من قبل الزميل (اسكندر الأصبحي) الذي وصل إلى مكتبه في تحدٍ سافر لقيم العمل وعنترية غير مسبوقة تكشف عن رعونة لا طاقة للعمل الإعلامي بها, سيما وهو ابن الاعلام وكان حرياً به أن لا يقع في الفوضى وارتكاب حماقات تكشف عن خواء المعنى لكلمة مثقف وهو أمر غير مقبول في كل الأحوال.
ولعل اعتداء الجند السافر على أحد الزملاء وعلى مرأى ومسمع من المدير العام للمؤسسة, يضعنا أمام تداعيات أكثر خطورة مالم تقف هذه المهازل ويكون للموظف كرامته ويدرك المسؤول أن الاعتداء على المقدس الإنساني هو أمر مستهجن ومدان مهما كانت المبررات والأعذار، وأن الغطرسة مآلها إلى الهزيمة حتماً وأن المعنى الحقيقي للإنسان هو في تمثله النظام والقانون وليس اقتحام المكتب بحشد من الجنود وكأنه يبسط على أرضية ويعمل على مصادرتها.
ولعل هذا العمل البدائي لا يجعلنا نقبل بالعفوية في حل قضية ضرب موظف ضرباً مبرحاً من قبل جند اسكندر في حين لا ناقة له ولا جمل في مجمل القضية، وما حدث يمثل خرقاً قانونياً غير عادي ويمس في الصميم كل موظف والحق العام قبل هذا وذاك والادهى والأمر أن يتم كل ذلك تحت إمرة الفاتح الأكبر المدير العام للمؤسسة المعفي من مهامه الذي أراد أن يعمل شبه غارة على الكرسي ليستعيده بقوة السلاح, الأمر الذي استنكره وأدانه الجميع باعتبار ذلك اعتداء على قيم وعلى أنظمة وقوانين, ناهيك أنه خروج عن الأخلاق, فلم نعهد من السابق أن أحداً أقيل قد لجأ إلى بسط نفوذه وسيطرته على الكرسي بالعتاد والعدة والجنود الذين كانت لهم سطوتهم في تخويف الزملاء بطريقة فجة.
وفي كل الأحوال, نحن على يقين أن هذا التصرف لا يعبّر عن رضا المسؤولين في الإعلام باستثناء المدير المقال ولا يرضى به القادة العسكريون المعنيون بحماية منشآت المؤسسة وليس تدخلهم فيما لا يعنيهم.
وهنا جدير بنا أن نشير إلى أن على الزميل اسكندر أن يدرك أن لامجال لاقتحام الوظيفة بطريقة استفزازية وغير مسبوقة وأن القانون لايجيز له ذلك ولا الشيم العربية ولا الضمير الاخلاقي.
من أجل هذا نطالب وزير الاعلام بالعمل على وقف مهزلة ما جرى حتى لا يتطاول أحد على الوظيفة العامة ويلجأ إلى العسكرة في اقتحام المكاتب وبسط النفوذ.. ولو بقي الأمر كذلك لرأينا الوطن شذراً مذراً وكان الاستعلاء هو سيد الموقف وارتكاب الحماقات هو العنوان الأبرز كسابقة انتهجها الفاتح الأكبر, الذي عمل غارة قوية لم يظفر منها إلا باستهجان كل الوسط الاعلامي على حماقة اللجوء إلى الجند الموالين بأسلحتهم, ظناً منه أن القوة وحدها قادرة على إعادة الكرسي إليه بغض النظر عن استحقاقه من عدمه لهذا الكرسي الذي أصابه بتهور ورعونة في التصرف وظنون بائسة ولجوء غير موفق.
ولعلنا نعاتب وزير الاعلام هنا أن بقي التصرف البدائي هو سيد الموقف وندعوه باسم الزملاء إلى إلعمل من أجل إعادة القيمة الاخلاقية للوظيفة واحترام المرفق الذي أهدر معناه الفاتح الأكبر.. وعتبنا هنا على معالي الوزير, ناجم عن خوفنا أن تمر القضية- بما تحتويه من تحد سافر وعنجهية- مرور الكرام وهو لايقبل بذلك مطلقاً ولا يمكنه أن يرضى بتصرف من هذا النوع دونما إعادة الحق إلى نصابه, فالضر قد مسنا جميعاً بفعل محاولة السطو على الكرسي وكانه صمم خصيصاً للزميل اسكندر, المساس به مساس بالوجود.
هذا هو ما استنتجناه من التصرف الذي لجاء إليه ونطالب معالي الوزير أن يكون للقانون والعدالة مجراهما، إكراما للإنسان أولا وللحق الأدبي والمعنوي ثانيا وحتى لا نجد في المقابل من يعيد الكرة فيسقط ضحايا بفعل الكرسي مغنما وليس مغرماً.
معالي الوزير.. كل الوسط الإعلامي ينتظر إحقاق الحق لزميل لا ذنب له ولا ناقة أو جمل في شيء حتى يعتدى عليه بالضرب تحت مرأى ومسمع المدير العام المعفي من مهامه والذي ظن أن السلاح وحده قادر على إبقائه فاتحاً.. ويا معالي الوزير, كل الوسط الاعلامي ينتظر ما أنتم فاعلون !!!
محمد اللوزي
الخواء الثقافي 1720