بمقدور المجتمعات أن تبني ذاتها وتحقق تنمية مجتمعية بفضل قناعاتهم بالشراكة والبذل الجماعي
عايشت السبت الماضي تجربة رائدة أثناء حضوري حفل لتكريم المتفوقات في الخياطة والتطريز بمنطقه "صينه" مديرية المعافر حيث توجد في العزلة تعاونية أنشئت عام 1972 وماتزال تزاول نشاطها إلى اليوم.
ساهمت ببناء المدارس والمرافق الصحية والكهرباء والتلفون والطرقات منذ السبعينات بل إن الماء إلى كل بيت والنادي الرياضي ببناءة وإمكانياته ومكتبته وإدارة المشروع التعاوني من طابقين وبكافة مرافقه, ناهيك عن سكن لطالبات الجامعي من المنطقة في أكثر من محافظة بالإضافة لدورات الخياطة ومحو الأمية والتنمية البشرية لأبناء العزلة.
لكن فعلاً ما أذهلني أن الناس يؤسسون لمركز معلومات وفق قاعدة بيانات لرسم استراتيجية للمنطقة للعام 2040م حاولت أتحذق وأتوجه بسؤال لوكيل المحافظة وأحد المهندسين من أبناء المنطقة ماهي احتياجاتكم؟ فقال ببساطة المطلع حديقة وروضة وبعض المدارس الأساسية. ...الخ
طبعاً كل هذه الإنجاز من جيوب أبناء المنطقة حيث يدفع كل واحد اشتراكه التعاوني بقدر دخله وبطيبة نفس وأينما حل أحدهم قدم خدمة للعزلة ولا شعور لإقصاء أحد فكل قرية ممثلة بالتعاونية وينتخب ممثل القرية عن طريق الانتخابات الحرة
بالمختصر هذه العزلة استحقت أن تنال شهادة ثاني أفضل تعاونية في المنطقة العربية بفضل روح الشراكة والقناعة بالأخر والتسامح والحرص على المصلحة العامة هم ليسوا ملائكة ولا مخلوقات قدمت من الفضاء هم أناس يختلفون ويصلون أيام الانتخابات لحد الشجار لكنهم بمجرد مرورها يعودون أسرة واحدة الكل حريص على تقديم حاجة لأبناء منطقته
إنها نموذجاً عملياً للمدنية البناءة التي تؤمن بالعمل الجماعي المبني على القناعات والقيم السمحة
نامل من دعاة المدنية والمتشدقين بها أن يأخذوا درساً من أبناء صينه لعله يغير كثيراً من قناعاتهم وأفكارهم التي تصل لحد التطرف وباسم المدنية.
فؤاد الفقية
المدنية البنّاءة "صينه" نموذجاً 1144