في مثل هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الحكيم في البلد الطيب ونظراً إلى ما ينتظروه منكم ومن ذوو الشأن من نتائج إيجابية في سبيل السيطرة على الفوضى واللا حياة, فإن ذلك يستوجب التكاتف والتآزر من جميع الفئات والطبقات من أجل الدفع بعجلة بناء الوطن إلى الأمام ورفع معنويات الشعب التي انهارت وتنهار كلما وقعت واقعة صادقة كانت أم كاذبة.
يمر الوقت بسرعة الأمل ويندفع التاريخ دوماً إلى الأمام دون أن يلتفت إلى الخلف فما فات معه لم يعد مرة أخرى سوى الآلام والذكريات والتي سرعان ما تتلاشى بابتعاد نقطة حدوثها مالم تتدخل في حملها ونقلها أقلامنا ليقرأها أجيالنا وليست الأحاسيس سواء.
ما أكثر الحروب التي تواجه الشعب والوطن في وقتنا الحاضر, فكلمة الحروب نفسها تحمل الكثير من المقصودات وليس منها ما يدل على الخير والتفاؤل والحياة, فكل معنى من معاني تلك الكلمة يحمل لفعلها أدوات كالسيف والنبل والرمح والبندقية والقنبلة والدبابة وغير ذلك من المهلكات, وكل حرب ينتج عنها دمار وخراب وقتل وهزيمة أو انتصار, أي أن هناك على الأقل طرف مستفيد بعد نهاية هذا الفعل.
أما من يستخدم تلك الأسلحة ضد نفسه ويسعى جاهداً لهزيمتها فليس هناك احتمالية النصر أبداً فهو القاتل وهو المقتول والخسارة تقع على أهله وعشيرته.
هناك حرب مهلكة تدور في ساحة الوطن تختلف عن الحروب التقليدية وأسلحتها, يقودها بعض أبناء الوطن ضد أنفسهم وأهليهم, حرب صامتة تتركز ضرباتها القاضية على الجانب المعنوي لقطع الأمل من قلوب الناس وتخرجهم عن مسار البناء والتطوير إلى براثن الفقر والإهمال وعدم التعاون, حرب يقودها خيرة الشباب من المتعلمين والمثقفين وأولو البأس الشديد هم من ضمن مَن أوكلهم الشعب الأمر في القيادة في هذه الأمور الصعيبة كي ينجوا وينجوا جميعاً.
كلما تفاءل الشعب خيراً في صباح يوم تشرق آماله في أرجاء الوطن وازداد تمسكهم بمجاديف النجاة كلما أشار لهم بعض أولئك مَن هم في المقدمة أن لا سبيل للوصول وأن الأمر صعب لا يمكن التخلص منه, متناسين بذلك أن الشعب هو الأساس وصاحب قوة الدفع الأساسية وما هم إلا ناظرون في غرفة القيادة يرقبون الطريق ويزيحون من أمامهم كل الأشواك والعراقيل. ولولا الشعب ما تقدموا جميعاً.
للأسف إن بعض الكتاب والصحفيين والناشطين اليمنيين مازالوا بأقلامهم ينهشون قوة الشعب وتحبيط معنوياتهم حين تخون أفكارهم الأمانة ومهنية الصحافة, فيصطنعون الأكاذيب والأحداث الخرافية إلى جانب ما يكفيهم مما هو موجود بالفعل, فيولون وجوههم شطر الشعب صارخين بكل تفاهة في قلوبهم أن امكثوا في أماكنكم أو تفرقوا وابحثوا عن وطن آخر فلا عاصم لكم اليوم.
كم من الأكاذيب التي تنتشر بين الناس من شأنها أن تلتهم معنوياتهم والتي يأتون بها من الصحافة الورقية والإليكترونية وغيرها.. وكلها تدل على الخراب والهدم واليأس ولا يعي صاحبها أنه بذلك الفعل شارك في هلاك نفسه قبل هلاك الآخرين وامتص جزء من قوة الشعب الدافعة إلى الأمام, وقد يكون على علم بذلك ولكنه باع نفسه وشعبه ووطنه بثمن بخس.
الغريب في أن البعض يتهجم على الحقيقة ويزوِّرها ويصنع مطرقة غليظة بكلماته الكاذبة ويضرب بها رأسه ليراه الناس بهيئة دموية ويصدقوه, وبعد برهة من الزمن القصير جداً وبعد أن يتعدى على الأخرين ومشاعرهم تأتي تصريحات مؤكدة تنفي صحة ما افترى.
وبهذا يكون قد شارك في هدم الوطن وإحباط من في قلبه ذرة أمل ودفن مصداقية الصحافة والصحفيين بين قشاشات الخيانة وبراثن الألم وعكَسَ صورة مزيفة مرعبة في عيون الأخرين عن الوطن والمواطنين.
بسببهم تلاشت وثوقية الصحافة حتى أصبحت بينهم هي المصدر الوحيد للكذب والدجل وما أكثر من يقول حين يسمع خبراً عاجلاً أو تقريراً أو ما شابه ذلك "هذا كلام صحافة كله كذب".
لقد تألم الناس كثيراً من مثل هذه الأخبار السيئة وبدأوا بذلك التخلي عن المشاركة في بناء الوطن, مادام المتعلمون والمثقفون وأولو الثقة بهذا الحال.
وهنا أقول لكل صاحب قلم قادر على التأثير عبر أي بوابة أو نافذة مهما كان حجمها وتأثيرها, لماذا لا نجتمع سوياً قلم رجل واحد ونفتح صفحة وطنية جديدة لنكتب فيها الجميل والمفيد وما من شأنه رفع معنويات الشعب, ونحارب كل من تسول له نفسه المساس بالوطن ونردُّ كل ذو مِعول يهدم به أخلاقيات الصحافة والصحفيين ونجعل منها مصدر أمل وتفاؤل لا مصدر إحباط وتشاؤم؟ ليجزيكم الله خير ما جزى صحفي وطني عن وطنة.
شهاب محمد رسام
Shehabrasam2@yahoo.com
شهاب محمد رسام
كفى... فأقلامكم تؤلم الشعب والوطن 1484