إن الشعب اليمني الحكيم رضي الله عنه وأرضاه صنع معجزة السلام في زمن السلاح وأثبت للشيطان قبل أن يثبت للعالم صدق أحاديث رسول الله (ص) التي تتحدث عنه وتميزه عن غيره من شعوب العالم.
فقبل أن تهب رياح الربيع العربي وتتغير المناخات وتمطر سماوات بعض الدول قذائف وبراميل متفجرة وتضيء بطلقات وكرات نارية وتُـذبح البشرية كالأنعام وتتفجر في الأرض عيون من الدماء, فقد كان العالم كله يتحدث عن اليمن وشعبه المدجج بالسلاح والمفخخ بالقبائل والثارات والأمية المخيمة على الكثير منهم وعناصر القاعدة وخلاياها وغير ذلك من العبوات والأوصاف المخيفة التي تنذر بمستقبل ناريٍ لليمن لا يفيق من تأججه أبداً.
بدأت ثورات الربيع تتفتح في حدائق عربيةٍ, واحدة تلو الأخرى, فانتشرت الأخبار المرعبة والقصص المأساوية والحروب الأهلية والشبه أهلية والتقطعات والاغتيالات وغيرها رغم أن تلك الشعوب تفتقر إلى الأسلحة كما هو الحال في اليمن سوى قليل من قليل من الأسلحة الخفيفة والبيضاء, وحصل هنالك ما حصل واستمرت الآلام والحكايات إلى يومنا هذا.
كانت القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية العربية والأجنبية تشتعل بالأخبار العاجلة والتغطيات المباشرة والدراسات والتحليلات والمهاترات السياسية والبرامج الوثائقية حسب كل ثورة ودولة وشعب وسياسة.
ما أن وصلت شرارة الثورات إلى بلاد الإيمان والحكمة والقلوب اللينة والأسلحة الخفيفة والثقيلة, إلا وتوجهت تلك العدسات صوب ساحة المعركة التي ستكون بنضرهم حامية الوطيس وتستحق المتابعة عن كثب لما قد يرفع أرصدة بعضهم في البنوك قيمة لأفلامهم الوثائقية وأخبارهم الحقيقية البعيدة عن المبالغة, التي سينتجونها عن اليمن واليمنيين.
أعلنت الدول المجاورة رفع حالة التأهب القصوى وتشديد تأمين الحدود مع اليمن لاحتمال ما قد تسببه أسلحة اليمنيون من دمار عليهم لأن أغلبهم حسب زعمهم سيلجئون إلى عبور الحدود هرباً من الحرب الأهلية المتوقعة بنسبة 99.99%. فكانت كل حادثة تحدث تتعالى معها أصوات القنوات ويشرع المحللون برسم خارطة عواقب الحدث وتوقعات ما بعده من حوادث أخرى, فكانت البداية إعلان الشباب ثورتهم السلمية بالصدور العارية واتجاه أفواجهم نحو فوهات المدافع واستقبلوا القذائف بعقيدة الحكمة والسلام وصدق المطالب ووأد الثأر والخوف إلى جانب الشيطان والسلاح.
بدأت الأحداث العنيفة تتكالب على الشعب العظيم بشكل تصاعدي من حيث الحجم والخطورة, ورافق كل حدث حديث وتوقعات, حتى أن بعض المتابعين لهذه المشاهد وقت وقوعها يُغمضون أعينهم ويضعون أصابعهم في آذانهم من هول ما قد يحدث من ردة فعل عنيفة, ليتفاجؤوا أن أبطال اليمن تحصنوا بالحكمة الربانية بدلاً عن السلاح وقتلوا كل شيطان مارد يوسوس لهم بالانتقام والثأر وكل واحد منهم يردد وبقوة قائلاً "ليس من الحكمة أن أعظ كلباً عظني".
تفاجأ هنالك المتابعون وفشلت هنالك نظريات المحللون وأخفق كل داعٍ إلى الدموية والعنف والخراب, وتحطمت آمال أصحاب الوصايا الشيطانية, وشاء الله إلا أن يحفظ اليمن وأهله وأن يحقن دمائهم ويلهمهم طريق الحوار الوطني بمثابة الشورى والأخوة والوحدة التي لا يمتلكها الآخرون.
قد يقول قائل حين يقرأ ما كتبت كيف هذا وما زالت الأحداث المروعة تحدث لليمنيين وما زالت دماء الأبرياء تنزف يوم بعد يوم؟ سأجيب بنعم ولا أحد ينكر ذلك, ولكن إنّ ما كان متوقع هو أن يُـقتَل اليمنيين باليمنيين وأن تتحول اليمن إلى أطلال أو مدينة أشباح بعد أن يحترق الشعب كله بنيران نفسه.
وهنا وبعد أن كان عكس ذلك, بدأ أصحاب المطامع والمصالح من غير اليمانيون مَن كانوا على أهبة الاستعداد لهدم اليمن بعدم جعل هذه الفرصة تفوتهم, فأنفقوا الأموال بغزارة واستنجدوا بالشيطان الكفيف الذي قد أخفق قبلهم بعد أن ابتاعوه أنفسهم, وأعلنوا حرباً ضد الآمنين الغافلين واستهدفوا بذلك أماكن وأهداف حساسة من شأنها أن تخرج الشعب من مسار السلام إلى مسار السلاح ومن مسار العفو إلى مسار الثأر والانتقام, فهيهات هيهات لما يبحثون وسحقاً لهم ولأموالهم إلى يوم يبعثون.
وفي المختصر لا الأخير, إن كل من يزرع الفتن أو يساعد في زرعها في اليمن ويتعدى على ممتلكات شعبه وأرضه ليس ولن يكون يمني ولو كان يحمل جنسية أهل اليمن ويتكلم لغتهم, فكم من دخيل متطفل استغل طيبة اليمنيين وشهامتهم وعروبتهم واقحم نفسه كنعجة حمقاء بين قطيع الأسود تسكت عندما يزأرون حتى لا تفضح نفسها, وستأتي اللحظة التي تتوزع أشلاءها بين أنيابهم.
لقد ظهر هنالك اليمانيون الأصليون أمام الناس أجمعين وشهد بذلك كل حي وجماد وبقي هنالك المرجفون عديمي الأصول يموتون بغيضهم يتصرفون بما يزيد أهل اليمن قوة وصلابة ويهبون بعضهم الشهادة في سبيل الله وسيستمر هذا غير بعيد حتى يحقق أهل الحكمة مبتغاهم ويجمعون شتات وطنهم من جديد وبذلك يتربعون على عرش السلام في زمن الحروب رضي الله عنهم أجمعين.
شهاب محمد رسام
شعب اليمن الحكيم 1304