ثورة لإسقاط الحكومة والرئاسة وثورة لابتزازهما بكم حقيبة ووظيفة ومنفعة ، وثورة لإعلان 11فبراير يوماً وطنياً، وثورة لإسقاط الفدرلة وطرد جيش الاحتلال من الجنوب ، وثورة للاستيلاء على المؤسسات والبنوك ومرتبات الموظفين. ثورة مدرعات وصواريخ ودوشكات أرض- جو على رؤوس ومساكن الأبرياء العزل ، وثورة لإسقاط الشمال وتحريره من ربقة القبائل المستأثرة وجعله خالصاً بحكم سلالة وطائفة.
ثورة تحتفي بمخرجات مؤتمر الحوار ، وثورة مضادة تدعو لإسقاط مقررات الحوار ، وثورة تخريب لأبراج الكهرباء وامدادات النفط والغاز ، وثورة إرهاب لقتل الجنود والضباط وللاستيلاء على عتاد الجيش والأمن ، وثورة لزعزعة السكينة وثقة العامة بالحكومة والرئاسة ، وثورة منهجية للاغتيالات ولتهريب السجناء ، وثورة سفن وقوارب لتهريب الأسلحة والمواد المتفجرة والممنوعة ، وثورة لنهب ونخر ما بقي من مؤسسات دولة ، وثورة إعلام دائبة هدفها تشويه وإعاقة كل فعل بغيته إقامة كيان الدولة وسلطانها ونظامها المفقود.
قبيلي تم تجريده من سلاحه في نقطة تفتيش أو توقف صرف مخصصه المعلوم, فيعود إلى مرابع القبيلة قاطعاً لطريق أو مفجراً لأنبوب ، قبيلة أو منطقة يعتقل شخص منها ويتم محاكمته أو حبسه بتهمة إرهاب أو تخريب أو قتل أو تهريب أو حرابة فتعلن هذه القبيلة أو المنطقة ثورتها على طريق عام أو مصلحة أو خدمة حيوية.
خطيب وواعظ اهتزت ثقته ومكانته أو انه لم يعد يحظى بهالة ونفوذ على العباد فيولي وجهه صوب وسائل الإعلام ومن خلالها يعلن ثورته على الدستور وعلى الفيدرالية والحوار، بل وعلى كل اتفاق وقانون وقرار لا يتوافق مع هوى نفسه ومنفعته ومكانته وحتى فهمه وتفسيره للدين وشريعته بكونها سبباً في غيرته وإعلان ثورته.
قنوات فضائية وصحافة إلكترونية وورقية تعلن ثورتها على الرئيس المخلوع وزبانيته وأركان نظامه المعرقلين للعملية السياسية ولمؤتمر الحوار فيكون الرد سريعاً ومن خلال ثورة مضادة قوامها قنوات فضائية وصحافة إلكترونية ومقروءة وسمعية هدفها الأساس نقض الصورة والخبر المزعوم وبطرق عدة مبتكرة ومفبركة.
وعلى طريقة إغراق الواقع الثوري بثورات لا تهمد أو تتوقف إلا بتوقف البلد وبسقوطه كليا في أتون فوضى شاملة تحتم على اليمنيين قبول فكرة إنقاذ الثورة ولا يهم بعد ذلك ما إذا كان الثائر المنقذ هذه المرة هو النظام الفاسد الفاشل الذي تم اسقاطه بثورة شعبية عارمة وإذا به نظاماً قائماً ومتماسكاً وبيده إمكانية إسقاط لكل فكرة ثورية مناهضة لوجوده.
نعم ثورات كغثاء السيل الذي يطفو ويزبد كثيراً, لكنه سرعان ما يزول وتتبخر فقاعاته في الهواء ودون فائدة ترجى منها لأناس ووطن أضناهما العطش للتغيير.. اليمنيون في مجملهم في خضم ثوري عبثي منهك وفي خدمة الاقطاب المتصارعة المستأثرة بكامل أدوات ووسائل الحقبة الثورية.
الثورة ليست هذه الموجهة ضد حكومة أو رئاسة أو جماعة أو فئة أو جهة ، بل الثورة الحقيقية في ما تحمله من مضامين وقيم عادلة وبما تحققه هذه الثورة من نتائج ملموسة في حياة المجتمع, ناهيك عن قدرة هذه الثورة على نقض ما هو سلبي وفاسد وإحلال بدلاً عنه ما هو إيجابي وصالح.
الواقع يؤكد ان ما حدث قبل ثلاثة اعوام لهو أجمل وأنبل ثورة في التاريخ ، فيكفي ان هذه الثورة حررت اليمنيين من خوفهم الذي استوطن أذهانهم حقباً مديدة كما ويحسب لهذه الثورة انها خلقت مناخات جديدة لا يبدو انه تم استثمارها بشكل ناجع ومفيد لغالبية اليمنيين التواقين لتغيير جذري وجاد وسريع .
بالمقابل كان لهذه الثورة ان اخفقت في بلورة مشروعها المعبر عنها ، قد يكون هذا الاخفاق نتاجاً سببه هيمنة الاقطاب القديمة على مقطورة مسيرة الثورة، وربما اعتبره البعض تعثراً ثورياً نظراً لتعقيدات الواقع المجتمعي الذي مازال ولاؤه وانتمائه للقبيلة والعشيرة والجهة أكثر من ولائه وانتمائه للدولة والحزب والنظام والثورة.
أياً يكن الأمر فالثورة وبرغم مساوئها واستغلالها في مآرب شخصية وفئوية وحصرية وآنية أكثر من توظيفها في مصلحة وطنية جمعية ومستقبلية، ومع مساوئها هذه فإن ما حققته الثورة من نتائج طيبة وان كانت نظرية لهي مكاسب لا ينبغي الاستهانة بها أو التقليل من شأنها ، فإذا ما نظرنا لمقررات مؤتمر الحوار سنجدها منجزاً نظرياً يؤصل لدولة اتحادية ديمقراطية مستقرة وناهضة في حال انفاذ تلكم المحددات في دستور الدولة وفي قوانينها وتوجهاتها وافعالها.
وإذا كانت الدولة الاتحادية أولى ثمار ثورة الشباب فإن تثوير اليمنيين يجب ان يكون غايته الدولة الحديثة الجامعة الناهضة المستقرة لا مثلما هو حاصل بحيث صارت هذه الثورة ثورات للابتزاز والمقايضة ولتحقيق مكاسب شخصية وحزبية وفئوية. كما وبات الثوار أداة طيَّعة تحركها الأيدي العابثة الفاسدة من اجل مصالحها الحيوية ، وفي سبيل حفظ مكاسبها وديمومتها وتقوية مراكزها في حاضر ومستقبل الدولة الاتحادية التي ثار اليمنيون لأجلها.
فضلاً عن تحمل اليمنيين لكثير من الحيف والعناء والتضحية والعبث والتخريب والتنكيل والإرهاب والقتل وسواها من الأشياء كيما تتحقق لهم هذه الدولة التي نشدوها زمناً طويلاً ، وآن الأوان لأن يرتقي ثوار اليمن إلى مصاف هذه الدولة الجديدة ، ولأن يكونوا أداة موجهة لإسقاط كل معرقل ومعيق ومخرب ومبتز ومناهض لقيام الدولة اليمنية المتقاطعة كلياً مع صراعات وثارات وتاريخ ماضوي زخر بالهيمنة والاستئثار والانقسام والتمييز والاحتكار ووووإلخ.
محمد علي محسن
يا ثوار..ثورة واحدة تكفي!! 1717