بالتأكيد سيترشح السيسي لرئاسة مصر، وكيف لا يترشح وقد خلا له الجو من جميع جوانبه نظراً لتعامله مع المعارضين من أبناء شعبه بالحديد والنار، والعنف المفرط الذي سقط جراءه ألاف من الشهداء والضحايا الذين ما زال قسم منهم من شدة جراحه يشكوا إلى الله من غرس في قلبه الرصاص الغادر.
اليوم من يرقب المشهد المصري بعد اعتقال "25" ألف ناشط أغلبهم من جماعة الإخوان التي صدر قرارا بحضرها، بل وإقراراها كجماعة إرهابية للدولة الحق في مطاردتها وقتما شاءت.
يظن السيسي من حيث لا يدري بأن الأمور أصبحت كذلك، الجو مناسب لترشحه، والأسباب مواتية لتقلده حكم مصر، لكنه لا يعلم أن يد الله تعمل في الخفاء، وتفعل ما تشاء، ما لا يدركه السيسي أن هناك عدالة ربانية لا بد وأن تقتص للمظلوم من الظالم مهما طال أمد الأيام، وأن نواميس الكون تقول بأن لكل ظالم نهاية، وأنه مهما اشتدت وطأة الظالم فإن مآله ينذر بسرعة زواله.
صحيح أن الخناق يضيق يوماً بعد يوم على المعارضين للانقلاب إلى درجة أن الدكتور/ عبدالمنعم أبو الفتوح لم يجد مكاناً فسيحاً يعقد فيه مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه عدم مشاركته في انتخابات محسومة سلفاً حتى لا يزول ما بقى من رصيد الرجل الشعبي، وصحيح أيضاً أن الخناق والتضييق على الحريات يأخذ كثيراً من الأبعاد في المجتمع المصري عبر اليد الضاربة "الجيش " الذي زج به السيسي في تحقيق أطماعه التي يصبوا إليها من حكم مصر.
لكن ما لا يدركه السيسي، أن ما يقوم به من خطوات إجرائية باطشة سالت لها كثير من الدماء البريئة، سيأتي عليها الزمن العادل الذي إن تأخر فلحكمة يعلمها الله عز وجل، لأن الأوضاع محال أن تظل على حالها، على الأقل هذا الحراك الداعي لإسقاطه وانقلابه شوكة في حلقه، وقد ظن أن المناصرين لشرعية الدكتور/ محمد مرسي ستعود إلى بيوتها بعدما تكل وتتعب، لكن الشعب أثبت اليوم أنه أكبر من تلك الرهانات التي عول عليها الإنقلابيون، وأنه صخرة سترتد عليها كل المؤامرات الرامية لإذلال الشعب المصري حتى لا يفكر مجدداً بمسار ديمقراطي شفاف ونزية.
ما لا يدركه السيسي أيضاً أن وضعه الذي وصل إليه من حكمه لمصر في هذه الفترة الانتقالية كان على غفلة من الزمن لكن الزمن لا تدوم غفلته أبداً، هكذا تحدثنا الأيام الزاخرة بكثير من هذه الشواهد في تاريخنا الحديث.
تحية نبعث بها اليوم إلى الحشود الهادرة، التي ما كلت ولا ملت وهي تدافع عن كرامتها وعزتها وحريتها، أما الخزي والعار فلأولئك الذي ارتضوا العيش في ظلال البيادة المعفنة، هؤلاء نقول فيهم، كونوا على الموعد، فالأيام حبلى بما لا تتوقعوه، فقط عندما يأذن الله سيسفر الأيام بما وعد به الصادقون، وهذا الكلام كبير عليكم لا تفهموه، فقط ما تفهموا هو لغة الإذلال وصرير البيادة.
مروان المخلافي
غفلة الزمن..هل تدوم؟ 1293