عندما خرج الثوار في ثورة فبراير 2011 م لم يهتف أحد منهم ضد المؤتمر الشعبي العام لأنهم جميعاً كانوا يدركون أن المؤتمر الشعبي كحرب سياسيي يعد جزء من النسيج المجتمعي و فيه أعداد كبيرة من الشرفاء والأحرار.
إنما كانوا يهتفون ضد حكم الفرد والعائلة, ويطالبون برحيل الحاكم الفرد الذى صادر السلطة والثروة, لايزال معظم الثوار على هذا المنوال, لكن للأسف الشديد في يوم ذكرى الثورة خرج عدد من مما يسمون أنفسهم " حملة 11فبراير" يهتفون ضد مكون من مكونات المجتمع وحزب من الأحزاب السياسية الكبيرة ويوجهون إليه أقذع الشتائم وهذا يتنافى مع قيم التعايش والقبول بالأخر والغريب أنهم ينشدون الدولة المدينة.
الحديثة لا أدرى كيف ستكون المدنية في ظل وجود مثل هذه العقليات التي تسعى إلى سياسة الإقصاء وإيجاد الانقسامات دخل المجتمع وهدم قيم العيش المشترك..
من حقنا جميعاً أن نخرج ونطالب بتغيير الحكومة وإسقاطها وحتى المطالبة برحيل السلطة بكاملها بطريق السليمة فهذا حق كفله كل التشريعات والقوانين, لكن علينا أن نراعى المكونات والأحزاب والمناطق والقبائل والمنظمات لأنها جزء من المجتمع وعندما نطالب بأسقاطها ورحيلها فإننا نطالب برحيل المجتمع ونضع أنفسنا في مواجهة مع المجتمع وهذا للأسف يؤسس لثقافة الصراع, وثقافة "لستم على شيء " وينسف قيم التعايش والعيش المشترك الذى يعد أهم مقوم من مقومات الدولة المدينة الحديثة..
أقصــــــــــــــاء أي مكـــــــــــــون من مكونات المجتمع تحت أي مبرر كان يعد جريمة كبيرة في حق الثورة والوطـــــــن سوف ندفع ثمنها مستقبلاً ... ما يجب علينا بدلاً من إلقاء التهم وتشجيع هذا الطرف ضد هذا أن نعمل على إقامة الدولة التي تقيم العدل وتفرض سلــــــطانها عــــــــلى الجــــــــميع وهذا هو الطريق الوحيد للقضاء على كل القوى وأصحاب النفوذ..
إذا كنا فعلاً نريد إقامة دولة ديمقراطية حديثة فعلينا أن لا نسمح بانتهاك أو مصادرة حق أو تهجير أي مواطن مهما كان إلا في نطــــــــــــــاق القانـــــــــــــــــــون... ولا غير القانون ..
الحوثي يعتقد أنه صاحب حق إلهى في الحكم "لأنه من سلالة أئمة آل البيت الذين اصطفاهم الله على العالمين " وهذه ليست مشكلة فمن حق أي مواطن أن يعتقد و يقول ما يشاء, المشكلة أن الحوثي يقول ما يعتقد بقوة السلاح.. وهذا يشكل خطر يهدد قيم التعايش ويناقض مع مبادئ الدولة المدنية التي نسعى جميعاً إلى بناءها, بل قبل ذلك يشكل خطر علي الحركة الحوثية نفسها لأنه يدخلها في صراع مع المجتمع ويجعلها تخسر أفرادها في الحروب بدلاً من استثمارهم في عملية البناء التنمية ونشر معتقدات الجماعة ...
لقد أعطت الثورة الشعبية فرصة ذهبية لحوثي واتباعه وصار بإمكانهم الدعوة إلى معتقداتهم في كل أرجاء اليمن من خلال العمل السلمي المدني بدون الحاجة إلى حمل السلاح و سفك الدماء لكن كما يبدو لي أن هذه الحركة تفتقر إلى الحكمة والحكماء من يقودها لا يفهم إلا لغة الحرب ...بإمكانهم الدعوة إلى معتقداتهم في كل أرجاء اليمن من خلال العمل السلمى المدني بدون الحاجة إلى حمل السلاح و سفك الدماء لكن كما يبدو لي أن هذه الحركة تفتقر إلى الحكمة والحكماء من يقودها لا يفهم إلا لغة الحرب.
تيسير السامعى
خواطر من وحي ذكرى الثورة 1165