التقسيم الإقليمي لليمن الواحد لم يكن بالشكل المطلوب مع التقسيم التاريخي، ولم يشر لنا هذا التقسيم هل هو بثقله الجغرافي أم بثقله الإنساني، لكن هو الأقرب إلى الحقيقة نوعاً ما، فالجند تاريخاً، يشمل لحج وتعز وإب وأبين فلو كنا وضعنا عدن ولحج وتعز وأبين مخلاف للجند، ووضعنا إب والبيضاء والضالع وذمار، ثم الجوف ومأرب وشبوة، ثم المهرة وحضرموت وسقطرى، ثم صنعاء وعمران وصعدة، وتهامة كما خطط له لكان أقرب إلى الكمال، بيد أنه يمكن النظر في التعديل مستقبلاً، والذي يلزمنا الآن وضع دستور أهميته تنظيم الصلاحيات وحماية الوحدة اليمنية، وواجب كل إقليم نحو الدولة المركزية، ووضع مرجعية للتشريع وهي الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع، وتنظيم جيش وأمن واحد لحماية البلاد، ووضع نظام للدولة المركزية لحماية الثروات وتحديد نسبة المحافظة التي توجد فيها، ونسبة ما لكل إقليم من مصادر ثروته، وتحديد الولاية لكل حاكم منتخب بفترة محددة وتحديد أن يكون أكاديمياً علمياً، وليس أمياً وإن كان يقرأ ويكتب، وبيان ما لكل إقليم وواجباته وكيفية اختيار حكامه، وإشراف الدولة عليه، كلنا ننتظر أن تكون الأقاليم تحريراً للشعب من حكم الفرد والمركزية المفرطة، لقد كان التقسيم الجديد إلى حد كبير يراعي مصالح آنية ومجاملة سياسية، بيد أن الشعب اليمني يجب أن يؤخذ رأيه في استفتاء عام، ولا بد من خبراء من العلماء الشرعيين، والسياسيين الخبيرين المخلصين، والمتخصصين في النظم الدستورية، أن يضعوا دستوراً يحمي اليمن من كيد المتربصين به لتقسمه، ونرجو عدم التعجل فيه وعدم مراعاة أي طرف، كما نأمل من الدولة أن تخلص الشعب من المليشيات المسلحة، وتضع حداً في الدستور في تحريم ظهور هذه التشكيلات، واعتبار ظهورها وخروجها موجب لقتالها وحرمانها من الوجود، وتحريم الدعوة إلى انفصال أي إقليم واعتبار الدعوة موجب للخيانة العظمى لليمن وللدين، ويكون في الدستور القضاء على هيمنة الفئات والمليشيات المسلحة، والتركيز على صلاحية كل إقليم بما له أو عليه نحو المواطن والدولة المركزية، وما يدور اليوم من حروب طائفية يجب على الشعب كله إسكاتها والتصدي لها، كونها تقود حرباً بالوكالة عن أعداء اليمن ضد اليمن وتقسيم الأقاليم وإعطائها حقوقها الكاملة يسكت كل ناعق للانفصال، ويقضي على الطائفية والحكم الأسري.
د. عبد الله بجاش الحميري
ما بعد الأقلمة.. 1243