الهرم الحزبي في القيادات الحزبية، في أي مجتمع يجعل الحزب يتآكل ويتخلف، وتنسحب منه القيادات الشابة والكفاءات التي لا يستغني عنها الحزب، ذات الدماء التي تضخ عطاء.
إن الإصرار على استدامة القيادة من المهد إلى اللحد تجعل الحزب يمشي بطيئاً في قراراته ومتخلفاً في سياساته، لكون قياداته الراديكالية صنع عقلها السياسي في أوضاع قديمة تختلف عن كل جديد، وكل قديم إذا لم يتجدد ويصقل يتآكل، هذه سنة الله في الكون ومن هنا الواجب على أحزابنا أن تعيد قراءة صفحاتها بالنظر إلى قيادتها المتهالكة قدماً ومرضاً وشيخوخة، وتعمل على تأهيل كادر معاصر من متوسط صفها، ليقود الحزب للنماء ويتعامل مع الواقع بعيداً عن الشيخوخة والأمراض التي لحقت بقياداتها، فهم دائماً في الخارج للعلاج!.
وإذا نظرنا إلى القيادات الحزبية في بلدنا لرأينا أن القيادات قد أكلها الصدى وعشعش على جسدها المرض، فمنذ قامت ثورة سبتمبر وأكتوبر ومنذ أعلن عن نشوء الحزبية من السرية إلى العلنية، لم نرَ أي حزب سلم قيادته لكادر الشباب، ولا حتى سلمها للكهول، وهذا يعني جمود النظام الداخلي الذي يسخر القواعد لتظل تحت قيادة الأفراد حتى الموت، وحينئذ يصعب علينا انتقاد الحكم الأسري مادامت الأحزاب تقود قواعدها بنفس نظام الحكم الملكي أو الأسري، وكثيراً ما نسمع من هذه القيادات بحجة الحفاظ على الحزب من الاختراق وعلى لوائحه وعلى أسراره، والحقيقة أن هذه مبررات لا تعدوا كونها مبررات مصنوعة لبقاء هذه القيادات، وتحافظ على مصالحها، وإلا فإنه ليس معقولاً أن تقبل عضواً في حزبك دون أن تلم بتاريخه، وتعرف مدى كفاءته وصحة إخلاصه، ولا يكون الحزب حزباً راقياً إذا لم يدرب أفراده، ويفقه كفاءاتهم ويخرج من دائرة الشللية داخل الحزب، ويقوم بتوسيع دائرة الاستيعاب، وليس دائرة الاستقطاب، إن الحزب الذي يريد الإصلاح على منهج النبوة، لابد أن يدرك إصلاح أفراده ويؤهلهم لحمل الأمانة ويعرف كفاءتهم، إننا بحاجة أن نرى أحزابنا وقد تداعت لإحالة شيوخها الذين بلغوا من الكبر عتياً للتقاعد، ووضعهم في مجال الرعاية والاستشارات للقيادة الشابة، وإعطائهم فرصة للتخلص من أمراضهم، وحماية شيخوختهم بالراحة، وليقوم عناصر الحزب الشابة بالصعود والبروز، والتعامل مع الواقع بحماسة الشباب وحكمة الشيوخ، فمتى نرى أحزابنا اليمنية وقد جددت دماء قيادتها واختفى شيوخها الكبار للراحة والاستجمام والعلاج، وتأكدوا أن الحزب سيسير خطوات إلى الأمام متى طعم بدماء جديدة، وستكون قواعده أكثر فاعلية ونماء وفاء له وثقة بقياداته، وسيقف كثيراً من التسرب الحزبي للقيادات والأفراد متى كانت اللوائح الداخلية تنظم الحقوق وتكفل التدريب والتأهيل، ليس صحيحاً أن يظل العضو داخل الحزب في محله سنين عدداً، وأنت تخاف منه على حزبك!.
د. عبد الله بجاش الحميري
الشيخوخة الحزبية متى تنتهي؟ 1402