" نقبل الأرض تحت أقدامكنّ، ونحني رؤوسنا خجلاً واحتراماً لأطهر من في الدنيا وأنبل حرائر
البشر في العصر الحديث "
الجملة السابقة تفوه بها أحد المتظاهرين من كبار السن متحدثاً عن الفتيات الآتي ما زلن يعتقلنّ في ظل الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر مؤخراً، وما زالت سلطة الانقلاب على إثره تشدد من وطأتها على كل رافض لهذا الانقلاب الذي ما زالت المطالبات بإنهائه ملتهبة وفي أوجها، والمتظاهرون في إزياد متواصل نظراً للزخم الذي يحظى به مؤيدو الشرعية في مصر.
إلا أن اللافت للنظر هذا الصمود الأسطوري للعنصر النسائي الفاعل من الطالبات وربات البيوت وحتى الصغيرات أصبحنّ يلعبنّ دوراً مهماً في إشعال حرارة التفاعل مع المظاهرات التي أصبحت يومية، مسائية وصباحية، حتى بعد صلاة الفجر وجد من البنات وفتيات مصر من ينزلن للشوارع للتظاهر وهو ما عرف بحركة سبعة الصبح النسائية.
إننا أمام حالة فريدة من التضحية في سبيل الله، والتضحية بكل غال ورخيص من أجل الحرية والكرامة التي رفضتها بعض النخب المصرية من الصحفيين والإعلاميين والمثقفين والفنانين والسياسيين الاكاديميين في ظاهرة غريبة تعد الأولى من نوعها في مصر، وفي مشهد يعيد للأذهان قوله تعالى عن مؤمن آل فرعون " ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار " إنه منطق البلهاء الذين استعذبوا العيش في أودية الذل، وظلال المهانة.
بالتأكيد سيزيد الإنقلابيون من وطيئتهم وقسوتهم وشدتهم على الرافضين لانقلابهم حتى يسكتوا أصوات الأحرار لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا أن يؤخروا مجيء الربيع الذي سيكون على وعد وإن كال مع الشرفاء الأحرار الصامدين الذي ما زالوا حتى اليوم ممسكين على جمر ثورتهم للانعتاق من الغمامة التي ستنقشع لا محالة بغيث من السماء سيسوقه الله عزو جل لمن يستحقه، كما كنا نرى السحاب في السابق وهي تسقط أمازنها على من يريد الله من عباده.
يظن الانقلابيون أنهم بوطأتهم وشدهم على يدهم الحاملة للحديد والنار هم بذلك يستطيعون أن يسكتوا حناجر الثوار ، وأن يكفوا أيديهم علة نضالهم المشروع الذي كفلته لهم كل الشرائع التي تنادي بالحرية
إنهم مهما حاولوا فلن يستطيعوا؟ أما لماذا؟ فالجواب سهل جداً، هو أن من استعذب العيش كريماً حراً أبياً فلن تقف أمامه المعيقات لأنه يعرف سلفاً أنه سيسير في طريق وعر ستترصده المعيقات والصعاب، التي لن يتجاوزها إلا من آمن بقدراته تماماً كالذي يقوم به الشعب المصري الذي ما زال ثائراً ضد طغمة فاشية اغتصبت الحكم غصباً من رئيس شرعي انتخبه الشعب المصري، أما الإعلام فلن يستطيع في لحظة من اللحظات، يغطي الحقائق الواضحة وضوح الشمس بغربال عسكره أبداً، لأن الله سيكون قد كتب لهؤلاء الرجال الذي أصبحوا في نظر العالم قدوات للحرية والكرامة، فقط ما علينا ألا أن ننتظر فنصر الله قريب، بل إنه أقرب إلى أحدنا من شراك نعله.
مروان المخلافي
ثمن الحرية والكرامة 1316