تكمن أهمية الإعلام في دوره التـوعوي وتأثيره الفعلي في حيـاة الفرد والمجتمع كسلطة رابعة, ويعتبر الإعلام بوسائله المختلفة المسموعة منها والمقروءة والمرئية من أهم الوسائل الحديثة في مخاطبة المجتمعات الإنسانية وترجمة توجهـاتها الاجتماعية بمختلف مشاربها الفكـرية وفعل حراكها السياسي ومشهدها الثقـافي ونتاجها الفكري والإبـداعي بما تتميز به من قدرة فائقـة على التأثيـر من خلال مخاطبة الحدث وتحليـل مجريات الأحداث, أسبـابها ونتـائجها وفي ظل التطـور الإعـلامي النوعي التقني والمعلوماتي الحديث أصبح للإعلام دور كبيـر وأهمية بالغة في التأثير على سلوكيات المجتمعات وتوجيه فعلهـا اليومي ثورياً ومجتمعياً حيث يسجل الإعلام حضـوره وفعله الرائـد لدى الإنسان أكثر من أي وسيـلة أخرى.
وعلى وجه الخصوص الإعلام الإلكتروني والصحافة المقروءة.. حيث أن هذين النـوعين من أهم وسـائل الإعلام حضور وتنــاول في أوسـاط الجماهير ومن هذا المنطلق شكلت وسائـل الإعلام الحُرة ذات التوجه العـام والمهنية الاحتـرافية في التعامل مع الأحداث قلقــاً كبير لدى الأنظمة العـربية التي تعودت أن تُخضـع كل أمور الحياة لرغبتها بما في ذلك إدمانها الظـلم لشعوبها والحقد على جيـرانها والتدخل في شؤن الأخرين ممن لا يدينون بفكـرها الانكشـاري وسياستها الشمولية في احتكـار الحيـاة العامة وتوجيهها لمصالحها "وفي مقدمة هذه الأنظمة حضر وحجب لوسائل الإعـلام الإلكترونية والمقروءة " النظام السعودي.
حيث أصبحت وسائل الإعلام تُشكل لعنـة على هذا النظام الإنتهـازي بطبيعته الانكشـارية ورغبته في إذلال النـاس ممن يحكم أرضيـهم في إطـار مملكته الوليـدة, وكذا مجتمعـات وحكومات الدول المجاورة التي يتدخل النظام السعودي بشؤنها ويعمد إلى إثـارة القلاقل والفتن والعبث العـام بأمنها واستقـرارها بهدف السيطرة على قـرارها السيـاسي والحيلولة دون تقدمها الاجتمـاعي والسياسي, ومن هذا المطلق دون سواه لجـاء النظـام السعودي إلى تجسيد سياسة الحضر وثقـافة الحجب على الصحف والمواقـع الإلكترونية التي تُعـري سياسته وتكشف عورات فعله بالحقيقة أمـام الشعب في نجد والحجاز وهناك صحف ومواقع إلكترونية خاب أمل النظام السعودي في ترويضها وشـراء ذمم القائمين عليها وحِبر أقـلام كتابها في اليمن..
ذلك كي لا يطلع الشعب على ممارسات النظام السعودي باليمن ومن أهم الصحف والمواقع العربية وفي مقدمتها منذُ زمن ليس بقريب صوت الجماهيـر العربية " جريدة القدس العربي " الصادرة في العاصمة البريطانية لنـدن وكذا الموقع الإلكتروني لجريدة رأي اليوم المستقلة للنـاشر رئيس التحريـر عميد الصحافة العربية الأستـاذ/ عبد الباري عطوان بالإضـافة إلى جريدة الأسبوع المصرية وبعض المواقع والصحف اللبنانية والسورية والقائمة تطول بل وصلت سياسة المنع والحجب التي يُمارسها النظام السعودي حتى للصحف المحلية وبقرار مُنعت صحيفة " عُكـاظ " اليومية والأكثر تناول من التصفح والتوزيع على متن الخطوط الجوية السعودية نظـراً لتوجه مسارها المنحرف عن تلميع القصر الملكي وفتح ملفـات الفساد لأفراد الأسرة المالكة وجوريهم من الذكـور هكذا تتجسد عبثاً فكرة النظام السعودي في محاربة وسائل الإعلام الحُرة وخصوصاً وسـائل الإعـلام التي تتمتـع بخصوصية الانتشـار الواسع والتصفح اليومي لها من قِبـل شريحة المثقفين العرب والجمهـور العربي الأكثر وعي لمتابعة الأحـداث من خلال هذه الوسـائل دون غيرها من وسائل الإعـلام الصفراء التي أدمنت على التطبيـل والمدح والثنـاء على فراعنة القصور الرئاسية والبلاط السلطاني والملكي وتقتـات منها التمويل بمد اليد تتسول ثمن الكتابة وتسخر جهد منتسبيهـا وتبعية إدارة تحريرها وعامليها ومراسليها ذات الـدفع المسبق للمديح وستـر عورات الأنظمة التقليـدية, وخصوصاً منها النظام السعودي السخي و الأكثر عطايا لمثـل هذا النـوع من الإعلام.
بل ويوحي إلى إعلامه الأصفر في كل مكان إلى جانب مهمته الرسمية بمحاربة وتشويه الإعـلام الحُر الذي لم يتمكن النظـام السعودي من ترويض مساره وشراء ذمم القائمين عليه كي يكونوا أشباه بذلك الإعـلام المنبطح تحت مفهوم الخطوط الحمـراء على حساب الحقيقة المُثلى وقدسية المهنة الإعلامية.
إذاً يمكننا القـول هنا أن النظـام السعودي أكثر أنظمة العـالم حجبـاً لوسائل الإعلام بالذات منها العربية بل إن هذا النظـام يُعد صاحب المركز الأول مع مرتبة " الخــرف " والحاصل على جائـزة التعتيـم في تجسيد سياسة الحضر على توزيع الصحف وحجب المواقع الإلكتـرونية العربية والعالمية عن المواطن في نجـد والحجاز من التصفح كي يظـل يؤدي الطاعة ويُدين بالولاء المُطلق لأمراء البـلاط الملكي حيث ويأتي هذا من قبل النظـام السعودي في ظل تنـامي الوعي العام وتنمية المدارك السياسية والفكـرية لدى مجتمع نجد والحجاز بفعل تأثير ومتابعة وسائل الإعـلام الخـارجية وتنـاولها للقضايا ذات العلاقة بالنظـام السعودي وسياسته القمعية في تكميم الأفواه وتظليل الـرأي العام وكسر الأقلام الحُرة التي تتناول الحقائق وتكشـف عرى سلوكيات هذا النظام في التعامل مع الحقيقة كل الحقيقـة.
تُرى هل يفلح النظام السعودي في حجب الرؤية عن شعب نجد والحجاز من خلال سياسته العـوراء في حضر توزيع الصحف وتصفح المـواقع الإلكترونية النـاقدة بإيجابية ومهنية لسياسته والمدعمة بالأدلة والوثـائق الرسمية؟ لا أعتقد ذلك إنما يحاول عبثــاً في ظل الفضاء الحُر والحداثة التقنية ولإلكتـرونية والتي أصحبت تعزوه في عُقـر قصره الملكـي.
بالتأكيد أن هذه الوسائل الإعلامية المقروءة والإلكترونية صارت تلاحقـه وتقض مضاجع حكمه التسلطي, بل إن وسائل الإعلام أصبحت لعنـة تلاحق النظـام السعودي كما هي " لعنة الفـراعنة " فأين المفـر؟.
علي السورقي – شيفيلد المملكة المتحدة
النظام السعودي ولعنة وسآئل الإعلام..! 1924