قد تختلف وجهات النظر وتتباين حول عدد من القضايا والمواقف لكنها لن تكون حائلاً دون ظهور الحقيقة وإبراز القناعات واحترام المواقف والتوجهات والآراء مهما كانت.. الواقع الثوري ابرز المحطات التي أثريت بتناولات متعددة ومن وجهات نظر مختلفة لكل حساباتها؛ منها المنصف ومنها المجحف ومنها كذلك المتحامل حقداً وبغضاً, لكنها الثورة التي استوعبت الجميع وأتاحت للكل الإسهام في صناعة المستقبل.
ثورة فبراير الانطلاقة العظيمة صوب المجد العظيم فيها بدماء الأحرار وتضحياتهم ارتفعت هاماتنا وصدحت أصواتنا كشعب تنفس كرامة وعز وبقوة الحق افحم الباطل وتراجعت سطوته ليسقط الوهم بعد طول كفاح مسدلا الستار على حقبة من البغي والعدوان وبخس الحقوق وإدارة الوطن بالمغالطات والأزمات وشراء الذمم . هذا المجد اليماني صناعة شبابية واكبت ربيع امتنا العربية مؤذناً بواقع مختلف تماما عن ماضي مثقل بالأوزار كان التخلص منه حلما لكنه لم يكن ذا صعوبة في تحققه حينما كانت تضحيات الشهداء الأبرار تتزاحم على محراب الحرية , إحساس بالعزة وتوق لتقديم مزيد من التضحيات على ثرى الوطن الغالي ذاك النشيد المثير في كوامن النفس حنين لاشراقة الغد , ففي كل خطوة ثورية ارتسمت على الوجوه بسمات الأمل رغم كثرة الرزايا بفقد الأحبة ممن ارتقوا شهداء في مسار الكفاح , لم تخبُ أصوات التحرر ولم تنل منها اربكات قوى البغي , ولعل ابرز ما تخلق في ثورة القيم ما أفرزته من وعي كبير ونضج فمن بين الزخم الثوري صنعت الكفاءات فنياً وإعلامياً وثقافيا واكاديميا وعلت لغة التحاور بين شركاء الفعل الثوري ليصبح سلوكا اعتمد عليه شعبنا في التأسيس للمستقبل وإرساء مداميك دولة النظام والقانون . لم يكن ما دفع الشباب الثائر مصلحة أو مكسب مادي ولم يدر في خلدهم المن على وطنهم بالتضحيات ليقايضوه بمقابل , ولكنه الحس الوطني صنع منهم جنودا مجهولين تجدهم في مقدمة الصفوف تضحية وفي أخرها إن كان هناك ما يوحي إلى كسب مادي , كثيرة هي مواقف الرجولة التي تستدعينا تذكرها مع أولئك الأحرار , ذكريات كان لها نصيب من غازات مسيل الدموع أو طلقات الرصاص الحي ومنها معاناة حر النهار و وعثاء السفر وبرد المساء , وما أروع أن يضحي أولئك ثم تجدهم يوصمون انفسهم بالتقصير , من معيشتهم يقتطعون جزءا للاستعانة به في عملهم الثوري , دقة متناهية في تنفيذ مهامهم وإبداع في جهودهم المتظافرة .
لقد توجت المسيرة الظافرة بانتصار كبير تحققت فيه أهداف ثورية عدة وماتزال أخرى في طريق الإنجاز فالمسار الثوري لن يتوقف حتى يغدو البلد مثلما أراد له أبناؤه أن يكون .
ثمة أمر هام يجب أن ينال نصيبه من التعاطي وصولا للإنصاف وإقرارا بحق المكافحين في انتزاع الكرامة فالشباب اليوم الأكثر حاجة للالتفات إلى قضاياهم وإيجاد حلول لها مع إتاحة المجال أمامهم للإسهام في إدارة شؤون وطنهم فلا يصح مثلا وفي عهد ما بعد الثورة أن يظل فاسدون يتشبثون بكراسي الإدارة يواصلون ممارسة فسادهم رغم وجود المئات من الكفاءات الشبابية النزيهة لديها القدرة على تقديم أروع صور الأداء الإداري المتميز . ولا يصح كذلك أن تظل الأموال تهدر فيما لا طائل منه وهناك الآلاف من الشباب عاطلون عن العمل.
أبوبكر الجبولي
فبراير..مجد مازال للشباب مطلبهم فيه 1307