في تصريح أخير للمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية, يدعو اليمنيين للكف عن الاقتتال المذهبي!. بدت المتحدثة الأمريكية أكثر فقهاً من بعض متفقهي اليمن, فهي لم يرد في خطابها مفهوم الطائفية ؛ بل عبرت عن الصراع المحتدم في شمال الشمال في اليمن- الذي يبدو ظاهرياً بالديني- عبرت عنه بمفهوم المذهبية, وهو التعبير الأكثر دقة؛ لأن شيعة اليمن وسنته ليسوا طوائف ؛ بل هم مذاهب.
والفرق ين الخلافات المذهبية والطائفية - كما يقول أهل العلم- هو أن الطوائف يكون خلافها في ما هو معلوم من الدين بالضرورة ؛ من الثوابت, كأركان الإيمان في العقيدة , والفرائض الخمس في العبادات, أما الخلاف المذهبي فلا يتجاوز المسائل الفرعية ..
والخلاف بين شيعة اليمن وسنته, ليس خلافاً في الثوابت والأصول, بل هو خلاف في الفروع, فهو لا يعدو كونه خلافاً مذهبياً ؛ والخلاف المذهبي لا يسوغ الاقتتال , ولا يبيح الدماء , والأعراض, والأموال..
فما بال بعض قومنا لا يكادون يفقهون حديثا ؟!. يرجع ذلك كله للجهل ؛ وهو آفة الأمم , ومعول هدمها الأول.
والجهل بمبادئ , وبديهيات الإسلام مثبت, وشائع بين شتى طبقات مجتمعنا ,بدءاً من الإنسان العادي , ذي الأمية البسيطة , وانتهاءً بذلك المثقف الأكاديمي ذي الأمية المركبة "إلا ما رحم ربي".
وقد أدى هذا الجهل الفكري والديني إلى مفاسد عظيمة, أشدها فتكاً وإفساداً ظهور مسلك التكفير, واستباحة المعصوم, من دماء , وأعراض ,وأموال المسلمين بأدنى شبهة وكذا تفشت مظاهر التباغض والتناحر بين فئات شتى من المجتمع , خاصة فئة من يسمون أنفسهم "بالمتدينين " وكل ذلك شكل بيئة خصبة لزارعي الشقاق , ومثيري النزاع , ومشعلي الفتن في وطننا الجميل ,لأغراض في أنفسهم لا يعلم كنهها سوى الله جل وعلا.
ويحمل مسؤولية الجهل بمثل هذه المسلمات من ديننا السمح - بالدرجة الأولى- العلماء والدعاة والخطباء, ثم مناهج وزارة التربية والتعليم الشبه خالية من ثقافة الفكر الإسلامي الوسيط , المصلح لاعوجاج العقول.
ونطالب جميع هذه الفئات المؤثرة بإعادة النظر في خطابهم , ومناهجهم للخروج بأدوية ناجعة لهذا البلاء , والوقوف وقفة جادة -لله تعالى- لسد هذه الثغرات الفكرية الفقهية , والتي إن نجحنا في سدها سوف نغلق باباً عظيماً للفتنة , ونرد شباب الأمة المتحمس لنصرة الحق إلى جادة الصواب ؛للانتهال من معين الحق الصافي؛ فتشفى عقولهم , وقلوبهم من علل الجهالة ؛ فيؤوبوا إلى رشدهم , ويفرغوا طاقاتهم في أداء رسالتهم المحورية ؛ بالقيام بمهمة الاستخلاف في الأرض, بعمارتها , وصناعة نهضة شاملة حقيقة لوطنهم ودينهم وأمتهم..
نبيلة الوليدي
الفقه الأمريكي والأمية الدينية! 1325