أيام ونحتفل بالذكرى السنوية الثالثة لثورة فبراير الشبابية السلمية, وقد تحقق للوطن جزءاً مما دفع الشباب من أجله أثماناً غالية، سقط شهداء من خيرة شباب اليمن وأطهرهم فداءً للثورة المجيدة، فداء لانتقال اليمن نحو دولة المؤسسات وبناء مداميك دولة مدنية حديثة، ورغم أن الاتفاق السياسي أتاح لنظام صالح أوراقاً كبيرة وفجوات مهمة؛ إلا أن الذي تحقق لا يستهان به.. فإقالة رموز العصابة الحاكمة التي حولت المؤسسات الأمنية والعسكرية إلى شركات حماية مأجورة خاصة بهم.. واختطفت تلك المؤسسات من مواقع الانتماء الوطني والولاء للدولة والوطن إلى مجرد تابع لأسرة يعادي من عاداها ويوالي من والاها.. إنجاز لم يكن ليتحقق لولا هذه الثورة الشعبية العارمة، المؤسسة العسكرية والأمنية عادت اليوم بمعظم تشكيلاتها إلى دائرة الولاء الوطني.. وإن كان لاتزال توجد بؤر سُمِّيَّة هنا وهناك إلا أن العجلة قد دارت ...ولا بد من حراسة الاستمرار في المأسسة والتغيير والبناء ...وهو ما يحتم على الثوار أن يواصلوا حضورهم الرقابي على كل خطوة تتم.. ومن جهة أخرى تحقق لليمنيين وللمرة الأولى منذ قرون أن التقوا وتحاوروا تحت سقف واحد بكل اتجاهاتهم، ولأول مرة أيضاً يخرجون بوثيقة إجماع، يوقع على متنها الجميع، تتضمن معالم واتجاهات العقد الاجتماعي الجديد الذي ستنتظم من خلاله، دوائر الفعل السياسي والاجتماعي والتشريعي، وكل فعل له تأثيره على الإنسان اليمني حاضراً ومستقبلاً.
إن الاحتفال بذكرى ثورة فبراير المجيدة هو تجديد للعهد بأن نبقى حراساً لأهدافها أو فياء لشهدائها الأبرار، ونبقى مستعدين لمزيد من البذل والتضحية والاستشهاد من أجل الوطن وحريته وكرامته ودولته الحديثة، وكلما تحقق للوطن إنجازاً نرى (قوى الشر والإرهاب والعنف المسلخ المأجورة) والمتحالفة مع الحالمين بالعودة لسدة الحكم تفجر الصراعات هنا أو هناك بغية التشويش على المسار الصحيح نحو دولة النظام والقانون ودولة المؤسسات، وإدخال الجميع في أتون الصراعات خارج مفهوم الدولة المنشودة، ما يمعن في تغييبه (مفهوم الدولة) وتتحول اليمن إلى ساحة صراع لقتلة مأجورين بالدفع المسبق من قوى خارجية لا تريد لليمن استقراراً ولا رخاء فيتفرغ لاستغلال ثرواته واستخراجها، والاستغناء عن مد اليد للآخرين.. لكننا على يقين أن اليمنيين كما تجاوزوا المراحل الخطيرة السابقة فإنهم قادرون على الدوس على الأشواك والقذى في هذه المرحلة، والانتصار لليمن ولوحدته ولأمنه واستقراره ومستقبله.. لكنني هنا أؤكد على أن تنفض الدولة عنها ركام اللامبالاة وتتعامل بحسم وشدة مع كل بؤرة عنف, أو تخريب أو اختلال.. ومن أجل ذلك تحمسنا لاختيار عبدربه منصور رئيساً للدولة لتحقيق واقع الدولة على الأرض؛ فهي الضمانة الوحيدة والأقوى لنشر الطمأنينة والسلام والأمن والنظام والقانون على ربوع الوطن، أو فإن شهداء ثورة فبراير المجيدة سيبعثون فينا عزماً جديداً لا يلين وإن ولا يساوم حتى نموت على ما ماتوا عليه أو تكون دولة عادلة رشيدة قوية.. كل عام وأنتم بخير.
أحمد نعمان اليفرسي
ثورة فبراير في ذكراها (الثالثة) 1191