*" متشاءل" شخصياً باليمن الجديد في هذه الآونة, وربما كثيرون غيري يراوحون بين التفاؤل والتشاؤم, طبعا مع تغليب التفاؤل بالخير حتى نجده, ومع ذلك ندرك أنه لن يكون هنالك يمن جديد, مالم نتخلص من "اليمن البالي" وكل بلاويه رموزاً وطقوساً, وهنا لا أعني الانسلاخ عن إيجابيات الأمس القريب الحاضرة فينا وبيننا ولا أرمي للإرث الثقافي والموروث الحضاري التليد منه والوليد, فتلك تمثل الفرش الحاضن والغطاء الدافئ لحاضرٍ ما يزال يرتجف ويقشعر في ظل تدثره بلحاف شفاف المتزمل به عريان!!

*ومع ذلك نأمل أن تتجاوز اليمن محنتها ولكن؟!! ولكن عندما تصبح المدارس أهم من المتارس وعندما يغدو القلم بديلاً للكلاشينكوف ومتى ما تكون المخابرات ومعامل البحث العملي ومراكزه مقصداً للشباب التائه في الشوارع ومقايل القات والضائع بين أروقة الأحزاب التقليدية ودهاليز "صنّاع الموت" ومعامل إعداد الانتحاريين وتحضير المتفجرات والعبوات الناسفة!!

*سيتعافى الوطن متى ما تصبح مدرجات الجامعة أهم من ديوان "أمشيخ" فما بالك بالبوابات و "أمحوش" ولا شك أن اليمن سيكون بخير عندما يصير كل يمني "سيد" و عندما يعترف الجميع بالجميع أن الـ 25 مليون يمني كلهم " قناديل" بل نجوم لا "زنبيل" بينهم ولا "حقيبة أو مسب", عندما يكون الوطن هو السيد وكل مواطن "سيد" حر وكل مواطنة "شريفة" حرة في ظل سيادة القانون سيبدأ عصر اليمن الجديد..

*اليمن الجديد سيبدأ مع رنين جرس العمل وليس مع صدى الكلام والجعجعة بلا طحين, وعندما تكون ساعات العمل أهم من ساعات المقيل و"التخزينة", عندما ندرك أهمية الخطوة الأولى في طريق الألف ميل وعندما يتحرر " اليماني" من الكفيل ومتى ما استقام ميزان القضاء ورجحت كفة العدل والقانون لصاحب الحق وإن كان "حرافاً" على كفة الباطل وإن كان "قاروناً" وصاحب "بيس" يربيها كالأرانب أو يعدها كالأفيال؟!!

*حتماً سيكون هناك يمن جديد عندما تتوقف حكومتنا عن إيهامنا ببيع التكنولوجيا لليابان وعندما تتوقف عن بيع سيادة البلد وكرامة المواطن للأمريكان, عندما تتوقف الحكومة عن إيهامنا ببيع العطور لفرنسا وعندما تتمكن من إيقاف بيع ثرواتنا وغازنا لباريس بثمن بخس, سيكون هنا يمن جديد ومتى ما توقف حكامنا عن استغفالنا بأنهم يقايضون سلاح روسيا بثلوج سيبيريا أو الأسكيمو, وعندما تكف الحكومة عن تسويق معادلة التبادل التجاري مع الصين بمنتجات محلية من مداخن الشيشة و"المداعة" والبخور المصنوع من مخلفات "الهريس"!!

*سيكون هنا يمن جديد متى ما تأكد بشكل جازم وقاطع لا يقبل الشك أن قيادات دولتنا ومسئولي حكومتنا قد كفوا وتوقفوا عن الاستثمار في عقارات لندن أو دبي بأموال المنح البريطانية أو الإماراتية, أو التصدق في الحج والعمرة بأموال التبرعات السعودية, سيكون هنا يمن جديد عندما يكف الكذب والفساد والتدليس وعندما تتوقف المناكفات والأوهام البالية والعتيقة..

*هناك من يقول اليوم إن اليمن لا تحتاج دستوراً جديداً بقدر حاجتها لعقد اجتماعي جديد يناله من خلال النظام احترام المواطن لا النيل منه, وقبلها يحصل المواطن على حقوقه من الدولة لا أن يظل حقاً من حقوق الدولة والحاكم وقبل هذا وذاك يؤدي المواطن واجباته نحو الوطن والدولة ليحصل على حقوقه, وباختصار على الدولة والنظام والمواطن طي صفحة "حقي حق وحق غير مرق" وإلى الأبد من أجل يمن جديد لنج.. والله من وراء القصد