هل فرح الشعب وهو يتابع مجريات الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار؟! هل شعر الثوار بنشوة النصر في هذا اليوم, والذي يعده البعض الثمرة الأكبر من طرح الثورة الشبابية السلمية؟! وهل ستحقق مخرجات الحوار آمال شعبنا الطيب الصبور؟ رغم أن الوصول إلى هذا اليوم هو في حد ذاته عامل جدير بخلق طاقة تفاؤل عظمى في نفوس الشعب؛ غير أن الكثيرين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الفرح به!! وليس ذلك لأنا شعب صب في قلبه الكثير من البؤس حتى فقد القدرة على الفرح ؛ بل لأنا شعب خدع طويلا؛ حتى فقد الثقة بتلك الوجوه التي زفت له عرائس الحوار محنطة إلى أيد آثمة, ملطخة بأخطاء الماضي الكئيب!! غربان البارحة غدوا "بقدرة قادر" حمائم اليوم, وهدهد الغد المبشر بالمستقبل المزه ..فعجبا كيف يكون هذا؟!! مع تقديرنا الكبير لشخص رئيس الجمهورية "عبد ربه هادي" وصبره الجميل, ومواقفه الشجاعة, والتي كان آخرها حين ضرب بكفه على طاولة منصة مؤتمر الحوار بعد مصرع "أحمد شرف الدين" صارخا بغصب وبنبرة إصرار: سيرحل الفاسدون, والفاشلون..! غير أن ثمة سؤال مشنوق في الأذهان ننشره أمامه بقلق: هل سيرحلون حقا يا سيادة الرئيس؟! أم أن حاضرنا سيلحق بماضينا, ويرحل بائسا, آخذا المستقبل, وآمال شعب مسكين نحو الهاوية, وسيبقى هؤلاء الفاسدون والفاشلون للأبد؟!! إنهم حتى لا يموتون!! يموت, ويستشهد الخيرون, الفاعلون, الإيجابيون..
مات خيرة شباب الثورة, وأفراد الأمن والجيش البؤساء.. مات أبرياء كثر وهم باقون!! ما أشبههم باللعنة الشيطانية الخالدة, محنة, وفتنة أبدية لبني الإنسان!! كنت طفلة عندما كان هؤلاء الكهنوتيون علية القوم.. ومضى العمر كئيبا.. ويبدو أني وجميع رفقاء الطفولة سنشيخ ونموت وهم ما يزالون علية القوم!! يعيثون في الوطن طيشا, يعبثون بأقدارنا, وارزاقنا.. تكبر" كروشهم" ليضيق بنا الوطن, ويزداد شظف العيش فيه شراسة..! تتعاظم نهمهم للسلطة, للبقاء, للحياة.. ويتعاظم كرهنا لحياة هم سادة لنا فيها!! ومن المفارقات المضحكة المبكية, تعليق ساخر يورده مذيع بإحدى القنوات يهمز فيه رئيس الحكومة لتغيبه عن الجلسة الختامية.. يا للسخرية, وهل كان حاضرا يوما ما في المشهد ليغيب؟!! أزمة ثقة كبرى قتلت الفرحة في قلوب هذا الشعب بمخرجات الحوار! أزمة تحيل كل منجز لخنجر ينكأ الألآم القديمة..! مهما كانت مخرجات الحوار جيدة ومبشرة فإنا لم نستبشر؛ فنحن لا نرى سوى تلك الوجوه المبشرة بالخراب!! لن نعبأ كثيرا بهذه المخرجات مادام هؤلاء هم سائقها, وقائدها, وحالبها..!
وصف الرئيس " عبد ربه هادي " الوصول لخاتمة مؤتمر الحوار بالمعجزة, وهو يدرك كما ندرك جميعنا بأنها معجزة تفتقر لمعجزة هي أعظم منها, تحيلها واقعا ملموسا يصنع لهذا الشعب المنتظر الفرج عرسا, وفرحة حقيقية!!
نبيلة الوليدي
عرائس الحوار..إلى خدور العجائز !! 1380