مازال اليمن في قبضة الشياطين، لقد أخطأ الأجداد في دعائهم عندما أخرجونا من النعيم إلى الجحيم عندما طلبوا من الله سبحانه وتعالى ((ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث و مزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )) فلم نتذوق طعم الدنيا بعدهم ولا حلاوة الدين بعد الأنصار والمهاجرين وبعد التابعين وما زلنا نمر في حياتنا بمحطات وعبر ومسافات اختزلها أحفاد الشياطين بمشاركتنا في الحقوق الخاصة بنا بعتا ولتهم ولا يعدوننا إلا كذباً وزوراً فيما تقوم به الأحزاب والجماعات وقانون المشيخات اليوم وصراعها على السلطة والمال فهل توقف هذه المخططات الأقدار؟ وتوقف أدواتها من الأطماع والإقصاء والتخوين والأحقاد والقتل والتدمير ممن هم في الزعامات للجماعات والأحزاب ؟ وهل نستشعر اليوم المظالم التي لحقت بنا ما بين دعاء الأحفاد ودعاء الأجداد وبما يقوم به أحفاد الشيطان وما بينهما من وصف وصفات لهذا البلد ولهذا الشعب من ربنا الكريم الرحيم ومن رسولنا البشير النذير علية الصلاة والسلام. عندما قال لأهل الإيمان : جاءكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية، ما بعد الحوار هل تنتهي من قاموس الزعامات للأحزاب والجماعات الحماية والبلطجة والنفوذ والمجاملة والواسطة والرشوة؟ وهل بعد الحوار تستكمل المواطنة وتصان الحقوق ويحافظ فيه على المال العام ويسود فيه القانون والنظام؟، وهل ما بعد الحوار يبدأ الأمان للمواطن وللتاجر وللمستثمر وهل ستكون الدولة حاضرة مع المظلوم وحاضرة ضد الظالم؟ وهل استوعبت الأحزاب والجماعات الآلام والمعاناة وتغيير فكر الصراعات والمناكفات من البندقية والاغتيالات إلى التنافس بالبناء والتشييد والإعمار والحفاظ على الحق العام، وهل ما بعد الحوار تقر العيون من الدموع وننشر الخير ونبدأ بالعمل ونرفع أيادينا للسماء ونناجي خالق هذا الكون وندعو لليمن الأرض والإنسان ( اللهم أقم دينك وأرسي عدلك وانشر رحمتك بين عبادك) هذا هو دعاء الأحفاد مقابل دعاء الأجداد، لو اجتمعت الأمة ونحن في اليمن خاصة على هذا الدعاء الجامع للحياة ويتم تردده بعد كل صلاة أفراد وجماعات بنية خالصة مع استحضار الخوف والرهبة والبكاء لله الواحد القهار .
نناشد كل من يذرفون الدموع وحياتهم كلها في الخشية والخشوع، إلى كل من يصلون في الثلث الأخير من الليل والناس نيام ولم يراهم سوى الله الواحد المعبود، إلى كل من يصلون في الأوقات المفروضة والمكتوبة خشوعاً وهم على صلواتهم يحافظون، إلى كل الساجدين لله، إلى كل الداعين في حالة الخوف والوحشة، إلى كل من يبتغون الجنة ونعيمها، إلى كل من يخافون النار وعذابها، إلى كل من ظلموا من أسرهم وجيرانهم، إلى كل من عصوا ربهم فتابوا وعصوا آبائهم فندموا بعدما رحلوا، إلى كل من نهبت أراضيهم وسلبت حقوقهم وزورت بصائرهم، إلى كل من قذفوا بأعراضهم وشرفهم وسلامة توجههم، أخلصوا الدعاء مع البكاء من أجل اليمن من أجل كل اليمنيين من أجل الأمن والأمان من أجل السلام والمحبة والوئام، ادعوا على الظالمين والفاسدين والمتكبرين وعلى كل من احتقر الآخرين وآثار الفتن وعلى دعاة الانتقام للخصومة والظلال، على كل من احتال على المال العام، على كل من أغلق مكتبه من المسئولين على الشاكين وهم يتمنون إنصافهم، على كل من استغل وظيفته وخدع وغش شعبه ومن هم تحت إمرته، على كل من عرف الحق وله الاستطاعة في إحقاقه، ادعوا بحرقة وألم على كل من تعصب لجماعته أو لحزبه من بعض العلماء والساسة والوجهاء وهو يعرفهم أنهم بعيدين عن الحق، ادعوا على كل من أخذ مال وحقوق الغير بدون وجه حق، ادعوا على كل من شهد زوراً وأشاع الفاحشة وعلى كل من استثنى الحق لكي يجامل به أقاربه وأصحابه، ادعوا على كل من دعوا للعصبية والمذهبية والمناطقية أو من نصر نافذ أو سارق أو أضاع صاحب حق وقدم من أرشاه لواسطة أو لجاه، ادعوا على كل قاضي يسجن مظلوماً وحكم ظلماً بأمر من ظالم وأخفى الحق عن صاحبه.
إن كل ما نحن فيه اليوم سبب لنا جروح للأمة في تآمر الصليبية والصهيونية، وأول الجروح من بعض العلماء في حبهم للدنيا وملذاتها ومجاراتهم للساسة وفتاويهم على هوى المسئولين، في ترك الدين وفرض ثقافتهم علينا بالديمقراطية والحرية والنهب للثروات، جروح الشعب في الفاسدين والظالمين والمتنفذين وفي القتل والتفجير والثارات وفي العصبية والقبلية وفي الخوف وفي البطالة وفي الفقر وفي انتشار الرذيلة وفي فقدان القيم وموت الضمير ممن أرادوا تغيير ما جاء به القران وسنة الرسول من المحسوبين على هذه الأمة، جروح المسلمين في عدم تمسكهم بأصول الدين وخلافهم في البسملة والتأمين وحلق الدين والثوب طويل أو قصير، وما أضرنا هو العاطفة والإسراف فيما نقول أو نفعل أو ننوي عمله وتقودنا إلى ارتكاب المحرمات وكأننا في زمن الجاهلية والقبول بالشبهات كما نحن عليه اليوم في زمن الصراع على السلطة بين الإخوان والعلمانيين واستمرار نهج الشيعة في أن يبطنوا ما لا يظهروا وينسوا أن الله مطلع على السرائر يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومع ذلك ننافق ونجامل ونسلم ونبتسم ونجاهر ونصلي ونشيع من يموت وكل واحد مننا يقول بأنه هو المسلم والجهاد مصطلح يكيفه الآخرون كيفما يشاءون ويذهب ضحية هذا الفكر الضعفاء والمساكين و تو أرمل فيه النساء وييتم فيه الأطفال ويقولون هذا هو نهج الصحابة والتابعين وهم على خلاف ما يقولون، جروح في الأمة كثير لأننا أهملنا الدين وأصبح الصليبين هم المشرعين لنا والدين عندنا حكايات من زمان الخلفاء الراشدين المبشرين بالجنة ورغم ذلك نختلف حولهم كما فعل بنو إسرائيل مع موسى والبقرة التي ذبحوها كما نحن اليوم نذبح الإسلام على طريقة قوم موسى، والمسئولية والوظيفة في اليمن ليست كما هي في بقية الدول تصحيح وضع وتحسين للأداء وليست هي تغيير واقع بل هي هبة في اليمن لنافذ ولزيادة دخل سارق وغاصب وحاقد، في اليمن واقع لتكريس الألآم وتحسين حالة الفاسد، المسئولية ليست كما هي لدى الآخرين اختيار لكفاءة بتقويم الاعوجاج الحاصل بل هي تعيين جاهل وراء جاهل ليضل الجهل باقي ومستمر منذ أن استشار الإمام الشعب على قتل أو بقاء المناضل الثلاياء، فمن قتل البطل الثلاياء؟ إنه الشعب الجاهل فهل ما بعد الحوار يستمر بقاء الوضع كما هو عليه في اليمن من ظالم إلى ظالم وهل استوعبت الرموز الدروس وأيقنت أن من رحل بعده لاشك راحل، ونحن طوال أعمارنا نعيش في اليمن على شيء اسمه القلق يلازم الكبير ثم الصغير فلا نتمتع بخيرات الخالق إلا لحظات أو ساعات حتى يعاود القلق من جديد والسبب أننا ندور حول الرموز ويضيع العمر ما بين فاسد وجاهل وعميل لأنه لا يوجد عندنا رؤى أو ضوابط تقلل من ممن يرتكبون المخالفة، ضوابط تجعلنا محترمين لديننا ولأنفسنا ولبلدنا ويحترمنا الآخرون وانعدام الضوابط في العمل أعدمت علينا القيم والمبادئ والأخلاق والضمير، لأننا عائشين على مصطلحات ومفاهيم الغرب والقوى الاستعمارية التي حولت لنا المواطنة إلى فرق وأحزاب وجماعات وأهواء ورجال يديرون الأزمات والتنمية بالتجميع وليس بالتصنيع بل كما تزين النساء بالبودرة والمساحيق والثقافة السياسية ليست بالبرامج وتجاوز الإخفاقات بل بالإقصاء والتخوين، فهل تتغير اليوم هذه الصفات إلى البناء والتعمير؟ والربيع جعلوه عندنا للقتل والتدمير, وهو في الأصل ربيع يكثر فيه الأمطار وتنمو فيه الزهور والأزهار ومرتع ومزرعة لملكة النحل وقومها ، لكننا حولنا الربيع إلى خروج الديدان عند القتل والعبث بجسم الإنسان ! .
لقد فهم أكثر المواطنين بأن الساسة والمثقفين والعلماء المتحزبين هم أكثر الناس ضرراً بالشعب والوطن، إما وهم يبحثون عن مصالح لهم من خلال الأحزاب والجماعات أو هم عملاء للخارج ينفذون أجنده ومشاريع وفي كلا الحالات ضررهم كبير ولا خير فيهم مهما كانت الأسباب والمبررات، ونبحث اليوم من جديد أين هم أهل الحل والعقد لتثبيت مواد الدستور الذي كفل التعايش في المدينة مع الغير من المسلمين، ونحن اليوم لا نقبل التعايش فيما بيننا كمسلمين فأين الدين ؟
إن تأخر بلدنا سببه أننا مأسورين بالماضي ولم نستطع نسيانه وعلى كل الغيورين والمحبين والخائفين على هذا الوطن وهذا الشعب القيام بحملة توعية يقوم بها العلماء والمثقفين والشباب بشرط ألا يكونوا متحزبين وعدم الخوض فيما مضى وما رافقه من أخطاء وقصور وسلبيات وتظل حياتنا مرهونة بتوجهات الساسة المبنية على التحميل والتخوين لمن سبقونا من الفاسدين والعملاء الخائنين لوطنهم حتى استوطنت الأحقاد والضغائن في النفوس وظلت قائمة تتوسع وعلى اثر ذلك يتصدع ويتمزق الشعب والوطن الواحد وهذا الشعور بحد ذاته إجرام بحق الوطن والشعب، إن حبنا للوطن يستوجب علينا كيف يتم التفكير في المستقبل وسرعة الوصول إلى التقدم والرقي وما لم يتحقق على أيدي من سبقونا يجب أن يتحقق على أيدينا بالحب والتسامح وسرعة البناء واللحاق بالشعوب المتقدمة والمتطورة، ونسأل أنفسنا من هم اليوم رواد التغيير، أيعقل أن يكونوا هم الملوثون بالفساد وهم من ينشرون الشر والدمار ؟ لا.. لا يمكن أن يتحقق الثبات في هذا البلد في المواقف لصالح الوطن وترشيد الإنفاق من أجل الجياع لمن تعودوا إشعال النيران والتبرك بالرماد مستحيل مستقبل الأجيال يكون على أيدي الفاسدين الكهول والشباب تائه ومحبط يبحث عن المجهول لأن الكهول ممسكون بزمام الأمور، ما لم ننسى الماضي برجاله وآلامه لاشك أننا ماضون بلعنة الأجداد علينا التي تلاحقنا يوماً بعد يوم بدعواتهم التي فرقتهم وفرقتنا والتي جعلتنا كمسلمين نتبع ما يفرضه علينا الكافرون، قالوا لنا الغرب ثورات الربيع فلحقهم العلماء بمحاضرات أسموها الربيع النبوي! يا حسرتاه على ما أصابنا من خنوع وذلة توهت الكبار مع الصغار حتى أولادنا جاءت بالطموح مشرعة لمستقبل الأجيال بدمائها وبفكر غيرها والعقد الجديد المطلوب تحقيقه في نظرهم تقديم مصلحة اليمن على كل المصالح شعب لا يبحث عن المعجزات والوصول بالمركبات إلى المريخ بقدر ما يطلبه مجموعة حاجيات ومجموعة متطلبات في مستوياتها الدنيا ورغم ذلك لم يأتي بها ساسة الأحزاب، فهل من مجيب ؟ اللهم أقم دينك وارسي عدلك وانشر رحمتك بين عبادك.
محمد أمين الكامل
من دعاء الأجداد إلى دعاء الأحفاد 1796