عد القضاء الفرنسي النقابات مرافق عامه منذ العام 1942م إلا أن هناك فرق كبير بين النقابات العمالية والنقابات في إطار المرافق العامة للدولة ذلك أن النقابات العمالية تخضع للقانون رقم (35) لسنة 2002م بشأن تنظيم النقابات العمالية بينما لا تخضع لهذا القانون النقابات في إطار المرافق العامة وذلك لخروجها عن إطار هذا القانون بمقتضى النص رقم (4) من هذا القانون. لذلك نحن بحاجة ماسة لإصدار قانون من السلطة التشريعية تنضم سلطات هذ النوع من النقابات وكذلك إجراءات انتخاب أعضائها والجهات التي لها حق الإشراف وسلطات الإشراف على الانتخابات النقابية .
والانتخابات التي تتم اليوم لهذه النقابات هي توزيع حزبي وتحت تأثير الثقل الحزبي وأعضائها مسيرين من خارج المرفق وانتخاباتهم شكلية والضمانات التي يحققها هذا النوع من النقابات ضمانات شكلية مفرغة من جوهرها الحقيقي يحولها إلى أداة بيد الأحزاب للتسلط والسيطرة على الثروة والسلطة في المرفق وتقاسمها مع السلطة التي تدير هذا المرفق العام مما يجعلها ضارة بحقوق وضمانات أعضاء هذا المرفق ووسيلة للإقصاء والإبعاد وسلب الحقوق خاصة في غياب هذا القانون.
من الخطورة بمكان إعطاء هذا النوع من النقابات سلطة إصدار عقوبات وليس من حقها العزل أو سلطة سلب حقوق أعضاء المرفق العام طالما وهي من تصنع لائحتها بنفسها وتشكلها وفقاً لإرادة حزب معين وأهداف سياسته في الإقصاء والإبعاد من الوظيفة العامة بعيداً عن أي رقابة عليّا وبعيداً عن قانون ينظم هذه السلطات ويحدد ضمانات حقوق أعضاء المرفق وواجبات أعضاء هذا النوع من النقابات وجهات الإشراف على عملها وسلطات هذه الجهات .
و ضرورة صدور هذا القانون من مجلس النواب ممثل الشعب. كما أن المشرع نفسه لا يمكن له أن يضمن قانوناً ينظم العمل النقابي حق النقابة في عزل عضو من أعضائها أو سلب حقاً من حقوقه وإلا كان معيباً في صياغته لأن ذلك يتعارض مع طبيعة العمل النقابي.
يدعم هذا الاتجاه ما قاله أحد المحامين البارزين والمدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن في أحد البرامج التليفزيونية من أن أساس نشأة هذا النوع من النقابات جاء نتيجة النظام السياسي القائم على أساس الحزب الواحد وتحريم التعددية الحزبية وأن السرية التي كانت تمارس من خلالها الحزبية والعمل السياسي للأحزاب غير الحاكمة والمعارضة قبل الوحدة كان يجعل من هذه الأحزاب المعارضة تسيطر سراً على هذه النقابات في إطار المرفق العام وتديرها سراً من خارجه.
إن ما قاله المحامي الباز وعضو مجلس النواب صحيح واليوم تقوم هذه الأحزاب أو الحزب الرئيس بنفس هذا الدور ولكن بشكل علني مما يجعل ذلك خطيراً جداً على حقوق وحريات العاملين في المرافق العامة.
إنه لأمر خطير للغاية أن تتصور هذه القوى أن باستطاعتها ممارسة الإقصاء الفكري والسياسي من خلال استخدامها هذه المنابر المفترض أنها مرافق قانونية في القانون الإداري وقد وصلت إليها في إطار الديمقراطية الشكلية وسيادة الجهل وممارسة التجهيل في مجتمع يعاني من الأمية.
إنه لأمر خطير أيضاً أن تترك دون قانون ينظم سلطتها وإجراءات انتخابات أعضائها وجهات الرقابة عليها وأن تترك تصيغ لوائح بمفردها حسب أهوائها السياسية في السيطرة على نشاط المرافق العامة والخدمات التي تقدم من خلال هذه المرافق للجمهور.
كما يبقى لهذا الأسلوب السياسي في بناء هذا النوع من النقابات مثالب قانونية عدة منها أن تصبح هذه النقابة أداة ضغط وإقصاء وسلب لحقوق الآخرين ممن لا ينتمون لهذا الحزب.
أستاذ القانون العام المشارك
بكلية الحقوق ـ جامعة تعز
د. ضياء العبسي
نقابات المرافق العامة وسائل للإقصاء 1311