في ثورة 26 يوليو المصرية على حكم فاروق، تطلع المصريون لحكم جمهوري مدني يخلصهم من حكم ملكي يعتبر الشعب ملكاً له ولأسرته، وقاوم الشعب المصري لمواجهة الاحتلال الإنجليزي مع الحكم الملكي بقوة، حتى تخلص منهما، لكن المكر الإنجليزي كان قد ربى تلاميذه من كبار الضباط للسيطرة على الحكم ودربهم على خديعة الشعب وأظهرهم كقادة للثورة، عوضاً عن المدنيين الذين قدموا التضحيات حتى يرحل عن مصر جسدياً ويبقى فكرياً وسياسياً وفساداً اقتصادياً والحكم العسكري لا يعرف غير الفساد والتدمير، وما إن قامت الثورة حتى تربع عليها القادة العسكريون، وعصفوا بكل مكونات الشعب من طريقهم بالقوة العسكرية والأمنية الغاشمة، وبقيت جماعة الإخوان كقوة شعبية واعية لما يدور ومدركة لضرر قيادة العسكر للبلاد وعارفة بيقين ارتباطهم السلوكي والفكري والقانوني والسياسي بالاستعمار، فرفضوا أن يستولي العسكر على الدولة، وطالبوهم أن يقوموا بواجبهم العسكري ويخلوا المكان السياسي للدولة المدنية ولقادة الأحزاب السياسية، بيد أن مخالب كبار الضباط قد أمسكت بالثورة وأصبحت الثورة تعرف شعبياً وبواسطة الإعلام المأجور المضلل بكل قنواته تؤصل في الشعب للعسكر، وتحولت الثورة لثورة ( الضباط الأحرار) وغابت عن الساحة كل التضحيات التي بذلها المصريون في حين كان الضباط قبل نجاح الثورة الشعبية حرساً للملك فاروق، ويتلقون أوامرهم من المندوب السامي البريطاني، فسرقت ثورة أكتوبر وقام الإخوان المسلمون بقيادة الشعب المصري لرفض هذه السرقة للثورة، فقام الضباط بمواجهة الوعي الإخواني، بإخراج فلم أرادوا من خلاله القضاء الكلي على الجماعة وتقتيل زعمائها وسجن فريق منهم ومصادرة كل شيء لهم قاوموا به الاستعمار وحاربوا به اليهود في فلسطين، فكان لابد من فلم يتذرعون به أمام الشعب المصري فكانت حادثة المنشية المشهورة التي انقض الجيش المصري وكبار ضباطه على جماعة الإخوان، التي هي أكبر قوة في الساحة المصرية تعي الحقيقة، فكانت المجازر في حق كثير من العلماء وملئت السجون بآلاف منهم وصدر قرار حل الجماعة، واستمر العسكر في حكم مصر والإخوان أكبر قوة تعارضهم رغم ما أنزل بهم العسكر من بلاء، حتى كانت الثورة الثانية ثورة 25 يناير التي أفاق العسكر والشعب المصري ينادي برحيلهم بكل مكوناته، والإخوان أكبر مكون فما كان منهم إلا أن اخضعوا بعضهم للرحيل، ووجهوا الآخرين للتآمر لسرقة الثورة المصرية الثانية، فكانت كارثة الانقلاب وما لحقها من قتل ودمار للبنية التحتية لمصر العروبة والكنانة، ووجهوا كل السهام لجماعة الإخوان تماما كما فعل أسلافهم بل أشد، لأن الدول التي ساعدتهم كانت في الثورة الأولى ضد العسكر، أما اليوم فالدول الخليجية التي كانت ضد حكم العسكر صارت في صف العسكر، وتجمعت مخلفات الحكم العميق والإعلام الزنديق حول العسكري الرفيق، فأطاحوا بحكومة الثورة ومؤسساتها المنتخبة شعبياً بحرية، بعيداً عن التزوير الذي يمارسه العسكر وذيولهم من اللبراليين ليبقوا على حكم الشعوب بالقوة الأمنية، لكن الثوار هذه المرة لم يستسلموا وإنما استمروا بالمطالبة برحيل العسكر وأذنابهم، فكانت حوادث التفجيرات المفتعلة التي لا يشك منصف أنها من إخراج العسكر وذيولهم، حتى كان تفجير أمن القاهرة الذي أراد العسكر أن يجعلوه شبيهاً بحادث منشئة جمال لكونهم يشبهون السيسي به ليلة الاحتفال بالثورة الثانية، والدعوة لاستردادها وتم حشد أتباع المنشية لميدان التحرير ليسيطروا على الثورة المصرية ويرقصوا على دماء قتلى شهداء الثورة الثوار في الاحتفال بها، فما أشبه اليوم بالبارحة.
إن على الشعب المصري أن يستمر في ثورته حتى ينتزع كرامته وثورته وحقه في الحرية والعدل والمساواة، من مخالب العسكر التابعين لأجندة خارجية برابعة النهار ولا يثقوا بكبار الضباط الذين رضعوا من الثدي الأمريكي حامي الكيان اليهودي في فلسطين.
د. عبد الله بجاش الحميري
منشأة 25ينائر في القاهرة 1440