عندما تكون الشعوب تابعة للحكام تسبح بحمدها أكثر من أن تسبح بحمد ربها، تتولد في الأمة كل مولدات الضعف والتخلف، مثل الفقر والأمية والمرض، والتخلف في جميع أشكاله، وتصبح الشعوب لا تجيد غير التصفيق لحكامها، ويتولد لدى الحكام الطغيان الأثرة بكل شيء وتنهار البنية التحتية، وتصبح البلد تحت درجات الصفر من الحاجة فتدخل البلد تحت دائرة دول الفقر المدقع التي تبادر البلدان الغنية للتصدق عليها بفتات صدقاتها لتكون في محورها بينما البلدات التي يتبع فيه الحكام شعوبهم تنهض من كل وسائل التخلف وتصعد سلم النمو والحضارة وتصعد لمجوعة الإنتاج والبناء العلمي والحضاري في كل ميادينه، فإذا تولى الحكم في أي بلد العسكر وكان الشعب تابعاً كانت الكارثة أعظم، جهل وبلادة سياسية وقتل وتشريد وفقر مدقع لكل فئات الشعب غير فئات الحكم الذي تستأثر كل شيء، ويصبح كل حر في متناول بندقية العسكر وللمثال بين تبعية الحكم للشعوب وتبعية الشعوب للحكام نضرب لكم أمثلة في اليابان وكوريا والصين الوطنية وعموم دول شرق آسيا، فهي خرجت من استعمار جاثم وفقر مدقع وحروب طاحنة، لكنها أقامت حكاماً يتبعون الشعوب ومن ثم بدأت بناء نفسها حتى غزت كل الشعوب بحضارتها ومنتجاتها وبناءها التنموي، فأصبح تواجد إنتاجها في كل بيت من بيوتنا، بينما الدول التي تتبع الشعوب أصبحت شعوب مستهلكة متسولة لا تحسن حتى زراعة الطماط والبطاطس، وأصبحت عقول أبنائها صحراء قاحلة عقيمة من كل شيء وقد أدركت الشعوب العربية هذا الجفاف المدمر لها في تبعيتها للحكام تبعية عمياء حيث تربع عليها حكام عسكريون فاجتمع لها العمى والصم منذ الاستقلال، وفي مصر رائدة الأمة وسلة غذائها الفكري والتمويني، تربع عليها العسكر وأجبروا الشعب للتصفيق والتبعية منذ قامت ثورة أكتوبر، حيث تسلق العسكر لسرقة الثورة بليل وأخذوا يمرنون الشعب يومياً في الميادين على التصفيق لهم وقبول الفقر والتخلف والرضا بالتزوير والقتل والسجون لكل من انتقد أو دعا للحرية، واستيقظ الشعب المصري في 25 يناير عام ألفين وإحدى عشر ليتحرر من حكم العسكر، وليوجد له حكاماً يتبعونه كي يستطيع اللحاق بالشعوب المنتجة التي تخلف عنها بسبب تبعيته لحكم عسكري خائن عميل، وشعر العسكر بيقظة شعب مصر وجديته وخاف العسكريون الغرق في بحر الثورة، فأزالوا رئيسهم مبارك وتركوا للشعب الخيار وقدموا أحد جنرالاتهم للترشح، بيد أن الشعب المصري عصف به واختار حاكماً ليكون تابعاً للشعب وليس الشعب له تبع، ومن هنا كانت الكارثة العسكرية فعمدوا بتعاون دول إقليمية أزعجها تحرر مصر من تبعية الحكام، وخافوا على عروشهم أن تسقط إذا استمر الشعب المصري يقود حكامه فقام العسكر بالإطاحة بثورة خمسة وعشرين يناير وحكامها وشبابها كما أطاحوا بثورة يوليو وسرقوها من شعب مصر فهل يستطيع مال الخليج وعسكر مصر سرقة ثورة يناير كما سرق العسكر ثورة يوليو ويعيدونا إلى ما تحت الصفر.
إن الشعب المصري ومعه كل الشعوب العربية مطالبون بحماية ثورة يناير والقيام بواجبها نحو الثورة وتعين على استمرارها، ليغيب عن مصر رجس الحكم العسكري، إن الحكام الذين يدعمون الانقلاب رغم أنف شعوبهم على شعوبها أن تخرج عن صمتها لتقول لهؤلاء الحكام كفاكم تدخلاً وإنفاقاً لتقهروا شعب مصر، وعلى كل مواطن في الشعوب العربية أن ينصر إخوانه في مصر لينتزعوا ثورة يناير من مخلب العسكر الذين أرادوا سرقتها بدعم من حكام الخليج بالمال، وعلى الشعوب العربية كلها في بلدان الربيع وغيرها أن تسعى جاهدة لوجود حكام تابعين لها وتتجنب صناعة الحكام الذين يجعلون الشعوب لهم تابعين ولتكن ثورتكم منطلقة من قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الطاعة بالمعروف" قالها الرسول منطقاً من تصرف الأمير الذي أراد أن يكون جنوده تابعين له يصفقون دون تمعن وفكر وعقل، حين أوقد لهم النار وقال لهم الم يأمركم الرسول بطاعتي؟ قالوا: نعم، فقال اقتحموا النار، فأبوا، فلما أخبروا الرسول غضب وقال:" لو دخلتموها لما خرجتم منها إنما الطاعة بالمعروف" علينا أن نتحرَ من نار الحكام وعسكرة الحكم حتى نبني حياة تسودها الحضارة الإنسانية والعدالة والمساواة والتحرر من عربدة الحكام الطغاة.
د. عبد الله بجاش الحميري
هل يقضي عسكر مصر على ثورة يناير؟ 1471