المتابع لأداء تيارات الإسلام السياسي المدني في بلدان الربيع العربي يدرك مدى التقدم الذي أحرزته في طريق المشروع الإسلامي وإثبات أن الإسلام نظام شامل للحياة خلافاً لما يراد له من قبل أعداءه الذين يتهمون الإسلام بأنه غير قادر على الحكم في الوقت الذي يعملون على إفشاله خوفاَ من النموذج الذي سيقدمه لأنهم يعلمون مدى قدرة هذا المنهج على سحب البساط من تحت أيديهم بعد سقوط نظام بن علي في 14 يناير 2011م وبعد إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية شهد لها العالم أجمع حصلت حركة النهضة الإسلامية (فرع الإخوان في تونس) على 90 مقعداً في المجلس التأسيسي من أصل 217 مقعداً وحصل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على 30 مقعداً أي أن الفارق ما بين النهضة الحاصلة على المركز الأول والأغلبية المريحة وبين الحزب الجمهوري 60 مقعداً وكان بإمكان الحركة تولي منصب رئاسة الجمهوري والحكومة لكنها تنازلت عنه لصالح حزب المؤتمر الذي ينسب إليه "منصف المرزوقي" الرئيس الحالي لتونس وحصل الحزب الثالث "حزب التكتل" اليساري على رئاسة المجلس التأسيسي وتولت حركة النهضة رئاسة الحكومة تنازلت الحركة عن حقها من أجل بناء ديمقراطية في تونس والحفاظ على التوافق من أجل اجتياز المرحلة الانتقالية أما في اليمن فأكبر الأحزاب الإصلاح "الإخوان المسلمين" الذي تحمل العبء الأكبر إبان الثورة وحصلت في الحكومة على 3 وزراء وفي الحوار على أقل من حجمها لكنها تقبلت الوضع من أجل المستقبل وإثباتاً أن الإسلام السياسي ليس متلهثاً على السلطة ويقدم أكثر مما يأخذ ويعطي وينتظر أن يعطي مضحياً بأغلى ما يملك في سبيل تفويت الفرصة على قوى الثورة المضادة التي تحاول تقويض المسار الديمقراطي الوليد.
وعلينا أن ننوه هنا أن الإصلاح في جنوب الوطن يمثل صمام أمان الوحدة وسوراً منيعاً ضد الانفصاليين ويعمل على حل تركة النظام البائد بطريقة تحفظ أمن اليمن ودليل ذلك مواقف الحزب من قضايا الوطن في الحوار الوطني صحيح أن التيارات الإسلامية قدمت في سبيل تفتح أزاهير الربيع كثيراً وما زالت مستعدة؛ لأنها تنطلق بذلك من إيديولوجية صلبة وحقيقية وإدراكاً منها أن دول الإقليم تعمل من أجل إفشال النموذج الإسلامي ويبدو ذلك جلياً عندما اغتيل في تونس شكري بلعيد في يناير واستقالت حكومة الإخوان في تونس وتنازلهم عن وزارات السيادة وفي الاغتيال الثاني للمعارض/ محمد البراهمي في يوليو من العام الماضي وتنازل الإخوان عن الحكم لصالح المهووسون بالسلطة حتى يخرسوا عن الضجيج الذي صدعوا رؤوسنا به.
محمد المياحي
بين الإخوان في(اليمن وتونس) 1685