كانت بداية للاختلاف والجدل بين الناس" كرة القدم" وكان الجدل يدور حول التكهنات للفريق الفائز في حين أن الانقسام يأتي في المهمة الأولى لخلق المرح بين المتنافسين والمشجعين لقضاء وقت جميل وممتع خارج نطاق العمل وما يوليه من مسئوليات لا تنفك أن تنتهي فظهر هذا الاختراع -أي كرة القدم- والذي لاقى رواجاً واسعاً في مختلف أنحاء العالم وقد نلحظ العديد من اللاعبين المشهورين يحظوا بحب الملايين من عشاق الكرة في الوقت الذي لم نسمع فيه أحد من المواهب الأخرى قد حضي بما حظي به لاعبي كرة القدم والسبب أن قواعد اللعبة تبحث في مضمونها عن النجاح بروح مختلفة ليس لها صلة بواقع الحقد والكراهية في حين أن الحياة لعبة والسياسة لعبة، وما دفعني لإقران هذه اللعبة بلعبة السياسة ذلك التشابه الوثيق بين اللعبتين، فالحزب السياسي ليس إلا فريق ـ يلعب مثل الفريق الرياضي فإن كان الفريق الرياضي يقبل الهزيمة بروح رياضية فهذا لأنه مكشوف أمام الجميع ولا يستطيع تغيير النتيجة في ضل مشاهدة الجمهور كما أنه لا يستطيع أن يستميل عطف المشجعين للفريق الآخر في حين أن الفريق السياسي وإن كان هذا يذكرنا بالمعادلات الفيزيائية فإن لعبة يظهر عكس ما يبطن وهذا قد يتيح له استمالة المناصرين للفريق المنافس، فكلمة سياسة تعني الاحترافية في القدرة على الإقناع بكل الوسائل فلو افترضنا عدم وجود أطراف حزبية في الساحة لوجدنا أن الشعوب كلها تميل إلى حكم الناس الأكثر تديناً وهذا لا يعني حكم الشريعة لأن معظم دساتيرنا في الوطن العربي إسلامية وما تقصده الشعوب الإسلامية في ميولها للأحزاب الإسلامية هي تلك الفئة المعتادة على الصلاة في الجوامع لإدراكها أن هؤلاء الناس يخافون الله أكثر من غيرهم وأن وجد اختلاف من شخص لآخر إلا أن نسبة الأمان بهم أكثر وهذه الرغبة واردة في تعاملنا مع الأشخاص على المستوى الفردي ما يعني أن المكايدة الحزبية قد تشوش بعض الحقائق وإلا فالجميع مسلمين وعندما نرى رجل يعتاد الصلاة في الجامع تتولد الثقة لدينا به أكثر من الذي لا يصلي فإذا عدنا إلى لُب السؤال ما هي الدروس المستفادة منها فيما يُدار في الساحات سيكون الجواب تغليب مصلحة الوطن على طريقة الهدف منها الوصول إلى تطلعات أهمها الحرية والاستقرار المادي والأمني فإذا سألت أحد في هذا العالم لا تجد إلا هذا المطلب أياً كان من يحكم فإن كان ظهور الأحزاب اختيار منصف لتعدد الآراء واختلافها هذا في حال كان همها الأساسي هو الوطن فإنه لا بديل عنها في حين ينتظرنا سؤال لماذا نجحت الديمقراطية في الغرب؟ والجواب أن نسبة الأمية شبه معدومة وبالتالي فإن درجة الوعي مسطرة القياس لمثل شعوبنا التي تعد نسبة نجاحها بعدد ما تجمعه طاسة البرع فهي تجمع بقدر الاحتياج لمصلحة لأن الكل يدرك حينها أن هنالك عرس فهدفه من الذهاب والالتفاف حولها هي هبر اللحم التي ستقدم بعد البرع وليس الترويح عن النفس ما يدل على أن الحزبية في البلدان العربية مازالت مرتبطة بمصالح طرية لجماعات لا ترى أمامها بالقدر الذي يراه الآخرون ولو نظرنا لما يجري في مصر واتفقنا على أن ما يجري هناك ليس مؤامرة الهدف منها إسقاط منظومة الديمقراطية التي تهدد بعض المصالح الغربية والعربية وكان الطرفان متقاربان في العدد كما جاءت 52/و48% فالأرجح للجميع سلطة ومعارضة أن يكون التوافق والاتفاق على رئيس يرضى به الجميع كون الفارق متقارب في حال برز الخلاف بعدها يكون هو الفيصل في حل النزاعات وتقاسم الحصص حتى تتولد الثقة عند الناس مثل ما حدث في اليمن وإن كانت هذه الوسيلة مؤقتة حتى تتكشف محاسن ومساوئ الحزب هذا أو ذاك، حينها سيرقى وعي المواطن العادي وسيدرك بعد أن المناصرة للحزب بحسب اقتداره على شغل الحياة السياسية وما أمكنه إنجازه في متغيرات أنصبت لصالح المواطن كما في تركيا فالمواطن يسعى في المقام الأول للعيش بكرامة وحرية والمجال متاح لكل الأطراف.
عبد الوهاب البنا
ميزان اللعب في السياسة 1481