صار بإمكان أي مواطنٍ اليوم أن ينصب التافه من الأسباب قطاعاً قبلياً يقطع فيه كل إشارات المبادئ والقيم و "القبيَلة" فضلاً عن فقيد هذا الوطن القانون, قطاعات تتقاطع مع أحلامنا وآمالنا بوطنٍ نرغب ولو لوهلة أن يشعرنا بأنه غير مقطوع من شجرة الطمأنينة والدعة والاستقرار, بالأمس اشتبهت إحدى القبائل هنا في إب بأن في الاسم الثلاثي لأحد الأشخاص المشتغلين في إحدى "الفرزات" ما يشير إلى كونه من القبيلة الخصم، فتم استدراجه بوسائل يستحي المرء من ذكرها إلى مكان مجهول، ثم قام مسلحون برميه على قارعة الطريق ونهب سيارته التي يكدّ عليها لسدّ رمق أسرته من شظف الحياة وقسوتها دون أبهين بشيء!!.
لم يشفع لهذا السائق واقعه البائس ووثائق أقربائه وشهادات بني عمومة المختطفين بأنه ليس الخصم؛ لم يشفع له ذلك في إقناع هؤلاء المسخ بإعادة الحق المنهوب لأهله، بل مضوا وبصفاقة عجيبة في اتهامهم المخطوف بأنه من ذات القبيلة الخصم وعليه أن يثبت ذلك لا العكس!.
تنطلق في أعماقك الحسرات وأنت تشاهد بأم عينيك هذا الوطن وقد استحال إلى قطاعات متكررة للفوضى والانفلات، تبحث عن ملاذ آمنٍ يقيك هواجس الإحباط وينتشلك من كل هذه المنغصات التي تفرقع بحضورها المؤذي كل حاضرك صباح مساء، فتصطدم بأن كل الطرق تؤدي إلى المزيد من الخيبات والانكسار ليس لنا.
بمن تنتصر وكل ما حولك يدعو للهزيمة؟ بمن ترجو الحياة ولا سوى دعاةٌ على أبواب الفتنة والموت؟ بمن تلقى الحقيقة وهم يفخخون واقعك بدينا ميتات الهراء والزيف؟ بمن تضمد جراحاتك وهم ينشبون حضورهم الموجع في كل جسد هذا الوطن الكسير؟ هل تستجدي القانون، وهو الواقع منذ زمن طويل تحت قبضة الإهمال والتجاهل!؟ أم تنبش في حضور الدولة المهترئ المتكدّس في زوايا الغياب لعل في يبابها وخرابها ما يومض بحل؟.
لكن عن أي حلٍ تبحث –يا هذا- وحضورها الباهت هو أصل المشكلة وفصلها!؟ هكذا نقع- وهذا واقعنا-في شرك المتناقضات الباعثة على المزيد من الارتباك والتي لا تنفك تمضي بنا نحو منزلقات الضرورة فنجتازها مكرهين, سنقول- إذاً- لا باس أن تحضر القبيلة كنتيجة منطقية للغياب المدوّي للدولة ولكن ليس بهذا الشكل الباعث على "التقزز "والاشمئزاز؟!.
القبيلة اليوم وطننا بعد أن استلب اللصوص هذا الوطن!
القبيلة اليوم أمننا ودرعنا وسناننا ورمحنا وميداننا الذي تصول فيه أحلامنا فتزن الجبال رزانةً، بعد أن عجزت الحكومة عن حمايتنا وقبلاً حماية نفسها وأسقطت من لدينا كل الآمال والأحلام!!
الحكومة بهكذا حضور جعلت كل الشعب لا يعرف طريقه -كما قيل -بل قِطاعه...بل قِطاعه!!.
غيلان العماري
عرف الشعب قِطاعه 1339