قاعدة التغير تقول :الحاضر امتداداً للماضي ما لم يحدث تغير، وحاضرنا مازال امتداداً لما عمله نظام صالح من مخطط هدفه التوريث، ولا توريث إلا بتحويل الديمقراطية إلي ديكور وتفريغها من محتواها والعمل علي انسداد آفاق التغيير السلمي، وتراجع الهامش الديمقراطي، وهذا ما تم في السنوات الأخيرة من سنوات نظام صالح، ولقد شجع وبصورة كبيرة في تحويل خيارات العنف الديني إلى خيارات جذابة، فضلاً عن دور هذا التراجع في تحويل لغة تنظيم القاعدة والجماعة الحوثية إلى لغة قادرة على إقناع الشباب المتدين في مجتمع يمتلك السلاح، وتتفشى فيه الأمية الرهيبة وخاصة في أرياف اليمن عموماً وفي محافظة صعدة كاملة، ويعشش في ربوع اليمن كذلك الفقر وحمل السلاح، وهذه عوامل خطيرة تساعد علي تجنيد الكثير من أبناء المجتمع باسم الدين كأدوات رخيصة للجماعات المسلحة التي تحمل مشاريع العنف، إن ما تفرضه المسؤولية الإنسانية والوطنية والدينية علي كل القوى اليمنية هو تضافر الجهود لمقاومة وإقناع جماعات العنف المسلح وخاصة الحوثيين المتحالف مع صالح أن يسلموا سلاح الدولة، والتحول إلي العمل السياسي، والتخلي عن مشروع فرض التسلط المذهبي على المجتمع الصعداوي بقوة السلاح، والتحرر من أوهام بناء إمارة صعدة المذهبية الشيعية وهذه المشاريع تحولت إلي مشاريع ملهمة لجماعة العنف المسلح، ومن الخطأ الكارثي أن تتورط بعض النخب المثقفة والتي كنا نظنها ثورية في التعامل مع ظاهرة بناء الإمارات وفرض التسلط المذهبي الحوثي بقوة السلاح بمعايير مزدوجة.. ومحاولة محاباة طرف من الظاهرة، يجب أن نعترف أن سياسات النظام التدميرية السابقة وضعتنا اليوم أمام تحد خطير لا ينبغي التعامل معه بروح مذهبية طائفية، أو التعامل بمنطق الحسابات الضيقة، ولا بالمعايير التي تفرضها أجندة الدعم المتدفق من بعض السفارات وسفرياتها إلي طهران، وهذه المرحلة لم يعد مجدياً فيها الاكتفاء بالإشارة إلى دور سياسات النظام المتهالك في إيجاد هذه الظاهرة، فضلا عن كون الحديث عن دور سياسات النظام في تهيئة المناخات الخاصة لنمو هذه الظاهرة، وهذا لا يعني تجاهل الأسباب الخاصة الداخلية والخارجية التي ساهمت في إيجاد الظاهرة أننا أصبحنا اليوم أمام أمر واقع يجب أن نتعامل مع تحدياته بمسؤولية دينية ووطنية وإنسانية، وثورة 11فبراير أتاحت فرصة التحديث والتغير عبر مخرجات الحوار الوطني وما يحدث في دما ج ما هو إلا جزء من مشروع عرقلة مخرجات الحوار, ومنع الانتقال إلي الدولة المدنية دولة النظام والقانون والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
التحديات الراهنة والمسؤولية الدينية وِالوطنية 1393