ونحن على أعتاب عام انقضى - بكل أحداثه- وعلى مشارف العام الجديد نترقب أحلامنا بالرجاء وطموحاتنا بالتحقق، ونستشعر التغيير ونفرش سقف التوقعات بغطاء الأمل المزيف، مآسي تلك الأعوام لن تغادر مخيلتنا بمجرد انتقالنا إلى العام الجديد، كيف سنرتقب الأمنيات ومخيلتنا لم تعهد إلا صور الدمار ونزيف الدماء ، ودموع الأبرياء، سقطت كل الأوراق واتضحت الرؤيا للجميع وتناثرت أحجار المسبحة العربية ( المتباعدة أصلاً ) لذلك فحجم التوقعات والأمنيات تضاءل كثيراً ولن يكون سقف طموحاتنا عال في هذا العام، لأننا جزء مرتبط بتوقعات الوطن المتأرجح، الذي لم تكتمل أحداث مشاهده بعد هذا التأرجح الذي نعيشه أصبح نمطاً لأسلوب حياتنا، تلك الأحداث والمشاهد التي أرعبت حياتنا، ذلك الأمان المغيب، بتنا مشروع دراسة لحكومات متعاقبة لتمثل علينا سيناريو الإصلاح ، لذلك كان قدرنا في هذا العام أن ننظر للقضايا من زاوية الأمل وفي منأى عن الحقيقة.
هكذا هي الحياة ..أيام تمضي ..وأخرى تقبل وتأتي.. ونحن خلالها ومعها نمضي ..ولست أدري هل مع القادمات منها سنقبل وتأتي...أحداث كثيرة .. بعضها سعيدة وجلها حزينة عصيبة...وفي قراءة بسيطة لمستقبل قادم نشعر أن ما مضى سيكون أجمل وأحسن. قتلوا التفاؤل في عيوننا. وقلبوا أحلام يقظتنا كوابيس مرعبة مخيفة....
عام مضى ونحن كالكرة.. يتقاذفونها بأرجلهم ..نرتفع تارة ..ونسقط عشرات. ومهما ارتفعنا نعود لتستقبلنا ركلات أرجلهم. غابت ضمائرهم ..وتحجرت قلوبهم ...وأصبحت لذتهم بابتسامة تتجلى لرؤيتنا نتألم ونجوع. يتسابقون من يركلنا أولاً. ويتفننون في تعذيبنا وتهجيرنا .. حتى شبكة مرماهم نصبوها من لحم جلودنا وقوائمها وعارضتها التي تكسرها كراتهم إنما صنعت من عظامنا ...
عام مضى.. يصوره لنا المنجمون...جوع وفقر وحق مسلوب, وتسلط وعهر ونفاق هو ما يميز أرباب الأمور, أوضاعنا وأحوالنا من سوء إلى سوء, ووعودهم كالرماد تطايرت وأصبحت كالهباء المنثور, إصلاح وتغيير, وبرامج وإجراءات هدفها ظاهريا التعديل والتغيير, ومن خلال تسلطها على المواطن البائس الفقير تجعلنا في أهدافها نعيد التفكير تجبراً واضعوها وصانعوا سياساتنا وحصنوا من خلالها كل فاسد ولص ومتآمر علينا ومنحوه الحماية وسهلوا له كل أسباب الهناء والعيش الرغيد, وكل ذلك ومجلسنا وممثلنا يغط في سبات عميق, وأكبر همه تحقيق المكاسب قبل انقضاءه وقبل أفول شمسه في القريب أو البعيد, مؤامرات, أبطالها حكومة ومجلساً للنواب وآخر للأعيان, كواليسهم برد وسلام عليهم, ونيرانها أصابت فينا كل شبرٍ وكل مصدر للرزق واستهدفت منا العفيف والمعدم والفقير، حتى تراب هذا الوطن وسمائه التي يستظلون فيها لم تسلم من ألاعيبهم ...
مضى عام.. وما أسوأ ذلك العام على إخواننا في سوريا, أشلاء تتطاير ورؤوس تقطع ومدن تدمر وتهدم, شعوب تتهجر نساء تترمل وحرائر تغتصب وتقتل, أطفال جياع لا أيتام تزخر بهم الشوارع قنابل ومتفجرات ..جيوش جراره تبيد شعوبها.. وصمت غير مسبوق.. دولي وعربي.. رائحة مؤامرة طغت.. ومصالح مشتركة ..والنتيجة ..ضريبة بشعة يدفعها أبناء الشعوب المقهورة...ﻷ جل الكرسي يضحون بالغالي والنفيس ويقدمون شعوبهم قرابين والرابح الأكبر وهم يعلمون.. أمريكا وإيران وإسرائيل...
مضى عام.. ولم أقرأ من خلاله بارقة أمل لفجر جديد.. فهل لديهم هؤلاء الذين سلبونا الفرحة وكل جميل؟ هل لديهم الجرأة أن يتقدموا لنا ولو باعتذار بسيط؟ أم نحن الذين لهم بالاعتذار مدينين؟!
مضى عام.. وكانت آخر أيامه موجعة مؤلمة عاصفة كشفت زيف اﻷقنعة وكشفت سوء التخطيط وفداحة التنظيم, عاصفة أتت على اﻷخضر واليابس وكل شيء جميل نكبة ومدينة منكوبة ...وإجراءات عقيمة وتهرب من المسؤولية أجهزة أثبتت فشلها وحكومة انكشف غطاء ضعفها وشعب أدرك متأخراً انه خارج حسابات أصحاب المراكز والمتنفذين, فهل إلى النجاة من سبيل
؟وها نحن نفتح أوراق سجل عام جديد, بشائره لا تدل على خير, والأمل في التغيير من خلاله بعيداً, ولكني أقر وأعترف بأننا في وطن يتأجج أهله إلى الخير، كل عام وصرير أقلامنا يشهد بالحقيقة، كل عام والحق يعلو، كل عام وقد حقنت دماء المسلمين، كل عام وقد تجاوزنا الإحباط بارتفاع مؤشرات الأمل المنخفضة، كل عام و قد حققنا ما نصبوا إليه، كل عام وطموحاتنا بحجم الإصرار، كل عام وبصمة الخير شعارنا، كل عام ونحن إلى الله أقرب، فلك الله أيها المواطن الذي تعيش على تراب هذا الوطن ...ولك الله أيها الوطن الجريح من أحشائه.
رائد محمد سيف
عام مضى وأقبل أخر.. 1464