لم يمر العام الفائت على الوطن العربي وخصوصاً بلدان الربيع العربي مرور الكرام، ذلك أنه كان مليئاً بالمفاجآت والصدمات التي تلقاها الربيع حتى كاد أن يئد الأحلام التي خرج من أجلها شباب الربيع الذي طالما حلموا بها والتي خرجوا من أجلها ورووها بدمائهم الزكية فداء لتلك الأحلام و الأماني العريضة بأنظمة تعبر عن هموم وتطلعات الشعوب.
كانت الفرحة عارمة بقدر لا يستطيع الإنسان حتى وصفها وهو يرى أعتى الأنظمة تتهاوى واحدا بعد الآخر في مشهد يعكس حقيقة تلك الأنظمة المستبدة وأنها لم تكن سوى أسدا من ورق وأنظمتها التي كانت أوهى من بيت العنكبوت.
الأحلام كانت جارفة والآمال لا حدود لها وزهور الربيع بدأت تتفتح والطموحات العريضة عادت من جديد بحياة جديدة يملأها أوطان تتسع لكل أبناءها وأنظمة تعبر عن ضمير الشعوب وتقودها نحو الرفاهية و الرخاء الاقتصادي وتأسيس مكانة دولية جديدة تعكس قيمة وحجم هذه الدول.
غير أن الربيع أصيب في مقتل عندما تم الانقلاب العسكري في مصر على أول رئيس مدني منتخب، والذي بدوره أثر سلبا على باقي دول الربيع العربي وعادت أحلام الأنظمة السابقة للبروز من جديد من خلال الوقوف ضد الحكومات الانتقالية والعمل على إفشالها والمحاولة للعودة من جديد حتى لو كلف ذلك أن تسقط البلدان في سيناريوهات لا يمكن التنبؤ بها.
لم تكن اليمن بعيدة عن تلك الحالة، فالنظام السابق لازم يعمل ويخطط ليل نهار من أجل إفشال الحكومة والرئيس الذي ينتمي اليه ، لا يهمه بذلك أن تسقط اليمن إلى مستنقع لا يعلم كنهه إلا الله لكن المهم أن يظهر الرئيس والحكومة في مظهر العاجز وأنه كان أفضل خيار لليمنيين وأنه لولاه لما كانت اليمن!
ليس هذا فحسب ولكن الوضع الميداني كان أكثر صعوبة وخصوصا الوضع الأمني والذي زاد الوضع تعقيداً قضية الاغتيالات الدورية والتي تتم وفقط جدول ومخطط يستحيل أن يصفه الإنسان بالعشوائي حتى تفقد الدولة السيطرة ويصبح صاحب السلاح هو الحاكم الفعلي خارج نطاق الدولة.
الجانب الاقتصادي أيضا كان أكثر إيلاما ونحن نشاهد خزينة الدولة تتكبد مئات الملايين من الدولارات نتيجة قطع أنابيب النفط مرة تلو الأخرى إضافة إلى ضرب أبراج الكهرباء التي آذت الناس وأزهقت أرواح الناس في بعض المستشفيات نتيجة خروج محطة الكهرباء عن الجاهزية في أوقات كثيرة .
لازالت القوى التي صعدت بعد طرد الاستعمار قويه بما يكفي لمحاربة الربيع، حتى عندما بدأت ثورات الربيع تداعت من كل جانب من اجل الحفاظ على مصالحها والإستماتة من اجل استمرار الوضع وعدم السماح من اجل تحقيق أحلام الجيل الجديد من الشباب والاستمرار حتى بدون شرعية طالما هناك من يدعم الاستمرارية من الخارج.
غير أن إرادة الشعوب هي الغلابة بإذن الله لأنها من إرادة الله وسيستمر الشباب في دفع الضريبة مهما كان الثمن و لا عودة للوراء مادامت الشعوب ذاقت طعم الحرية وتنفست عبير الكرامة .
لدينا طموحات بحجم الجروح أو تزيد، ستستمر مادام هناك نفس ، ستبقى الإرادة عظيمة عظمة الأحلام التي ننشدها، ستزهر أوارف الربيع، سوف نرويها مهما كان الثمن.
العام الجديد سيكون مليئا بالمفاجآت ، أزهار الربيع ستستمر في ازدهارها، الشعوب مصرة على تحقيق أحلامها، مستعدة أن تدفع الثمن، القرار الدولي والإقليمي ضد هذه الإرادة لكن:
اذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر
والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعملون.
خالد اليافعي
عامُ أسدلَ أستارَه 1136