خرج علينا فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني في الجلسة الختامية للمؤتمر مطلع الأسبوع الحالي, بتقرير مليء بالمبالغات أحياناً وبالمستحيلات أحياناً أخرى وبما يتناقض مع العقل والمنطق في بعض المواد. بذل الفريق جهوداً جبارة وخرج بنصوص رائعة تلبي إلى حد كبير أحلام وتطلعات الشعب اليمني في أغلب مواد التقرير, ولكن هناك من المواد ماهي فوق الأحلام على الأقل في هذه المرحلة والقريبة القادمة التي سيتم فيها تأسيس الدولة الجديدة بالشكل الجديد. فمثلاً ذهب الفريق بخياله بعيداً حين أقر مادة تقضي للمرأة بثلث المقاعد بما يسمى قانون الكوتا في الوقت الذي تعاني 70% من نساء اليمن من الأمية. وكان أبعد خيالاً حين أقر مادة تجريم التكفير وفي الوقت نفسه يظهر من يتطاول على الله وتشريعه وكتابه ورسوله وصحابة رسوله الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. متناسين أننا مجتمع إسلامي محافظ فظهر أن الهدف من المادة تكبيل العلماء الصادقين,. كان مبالغاً جداً إقرار نصوص لا يمكن أن تطبق إلا في الدول المتقدمة وكان ينقصنا أن نسمع عن مطالبة بعمل شاطئ لكل محافظة على غرار النكتة الشهيرة.
نسى الفريق أو تناسى أن الدولة بإمكانياتها في هذه المرحلة لن تستطيع الوفاء بمثل هكذا تكاليف فهي تقوم على ميزانية تشغيلية تقوم في غالبها على القروض والمنح والهبات والمعونات الخارجية التي تدفع ثمنها من أرواح أبنائها,. وأننا في بلد يعاني بعض أبنائه من فقر مدقع في الثقافة والحس الوطني فيلجئ في حل نزاعاته القبلية والسياسية والأسرية إلى أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وقطع الطريق.
أما حظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني ومنع استخدام الدين في الدعاية في السياسة, فهي سلاح ذو حدين فهو تقديس للدين أن يكون ألعوبة في أيدي السياسيين الملطخة بالقذرات من ناحية ومن ناحية أخرى سيكون سيفاً مسلطاً فوق رقبة كل ذي خلفية إسلامية,. وللإنصاف كان التقرير رائعاً في مجملة ويحتاج إلى القليل من التقليل من المبالغات والأحلام التي هرولوا إليها للهروب من الخلافات حول الواقع والحصول على التوافق.
سامي شاكر الحميدي
تقرير بناء الدولة 1138