يقول الله عز وجل : ( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) الإسراء (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وكفى بِاللَّهِ شَهِيدًا)النساء وهذا الخطاب في الآية موجه للرسول صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم فما بالك بسائر الخلق من امته. وقال عز وجل : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105] والآية التالية تقرر بل وتركد بأداة التأكيد (إنّ) بأن أي تغيير في أي مجتمع لا يمكن أن يتم مالم يغيروا ما بأنفسهم، فقال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]؟وكثير من الآيات القرآنية تؤكد أن الأعمال الصالحة مردودها على فاعليها يكون خيرا في الدنيا وفي الآخرة والأعمال السيئة تصيب المجتمع في الدنيا، ويكون العقاب عليها في الآخرة اشد وأخزى،
اليوم نحن في اليمن نعيش مآسي وفتن واضطرابات أمنية وفساد أخلاقي أصاب القيم الفاضلة, في مقتل و التي كان يتحلى بها المجتمع، نعيش واقعاً مضطرباً وغير مستقر وتفككاً غير مسبوقاً، وأمامنا مستقبلاً مجهولاً بل ومخيفاً، وكل فرد أو جماعة أو قبيلة أو حزب، عندما يتحدث عن واقعنا يكيل كل التهم على غيره، ولا ينقد ذاته بشيء ، ولا يحاول التفتيش عن أخطائه ليصلحها، وكل وقته مشغول بالحديث عن أخطاء غيره، والتعليق عليها، لا تستثنى أي فئة في مجتمعنا من هذه النظرة لذاتها وللآخرين، وواقع حالنا يسوء يوما بعد يوم، ونحن بنفس التفكير والتوجه، والأولى بنا جميعاً إعادة النظر في مواقفنا وسلوكياتنا جماعات وفراداً، فلا شك إننا جميعاً شركاء في الحالة التي وصلت إليها البلاد، مع تفاوت بالنسب، واصبحنا بدون مرجعية جامعة وبدون معيار حقيقي نقيس به سلوكنا وتصرفاتنا مع بعضنا ومع وطننا، المقياس الغالب لنا جميعاً الذي نقيس به من حولنا ، إما حزبي، وإما قبلي وإما شخصي، وإما شللي، وغيبنا مقياس العدل بين الجميع وفق المعيار الإلهي :(ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) ونتعصب لمن هو معنا حتى ولو كان مخطئاً ونسينا قول الحق سبحانه :( ولا تكن للخائنين خصيماً) نقدم المعايير التي ذكرتها على الكفاءة ومن يتولى منا أمرا من شئون الدولة لا يستشعر انه مسئول أمام الله على الجميع ويجب أن يعامل الجميع محب ومبغض بمعيار واحد .. يروى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسيدنا سعد بن عبادة : لا احبك، وكان عمر أميراً للمؤمنين، فرد عليه سعد قائلاً: هل عدم حبك لي يمنعني حقاً من حقوقي .، قال عمر: لا، فكان جواب سعد: اذاً لا ضير، إنما يبكي على الحب النساء! فليس شرطاً أن يحب المسئول كل الناس بدرجة واحدة، ولكنه واجب عليه وشرط أساسي أن يعامل الناس معاملةً واحدة وبمعيار واحد، أساسه العدل والمساواة.
هناك مخربون في وطننا لا يرجى صلاحهم بل انهم يمارسون كل السوء ويتبعون كل الوسائل الشيطانية لإفساد الناس وتمزيق البلاد، فهؤلاء يجب أن لا يكونوا قدوتنا، وان لا نقيس أعمالنا بأعمالهم وبالتالي نستصغر أخطائنا مقارنة بجرائمهم، لنقنع انفسنا أننا افضل وأحسن، بل الواجب أن نضرب الأمثلة بالقدوة ونسع الجميع ونشعر كل أبناء الشعب أننا لا نفرق ولا نستأثر بشيء دونهم, وأن المسئولية مغرماً لا مغنماً، نمارسها سلوكاً وليس كلاماً مناقضاً لما نسلكه، أقول ما ذكرت ويشهد الله أني أتحسر ألماً للواقع المر الذي نعيشه، ولا اقصد احد بعينه ولكني اقصد نفسي أولاً وربما اقصد قوى الثورة لأنها الجهة المعول عليها أن تخرجنا من الحالة التي نحن فيها وتضرب الأمثلة بالقدرة، ليلتف السواد الأعظم من أبناء الشعب حولها اذا طمأنتهم بحسن الأداء وصدق التوجه لتحقيق المواطنة المتساوية، لأننا لن نستطيع أن غادر الحالة التي نحن فيها إلا بوجود القدوة التي تحتضن الجميع وتشعرهم بالحرص عليهم، ومالم نصدق الله أولاً ثم نصدق انفسنا ونغيرها من الداخل فلن يتغير حالنا إلا إلى الأسوأ وصدق الله القائل :( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) .سوء ومكروه،،اللهم غير نفوسنا إلى الخير والى ما تحبه و ترضاه، واصلح ذات بيننا ووحد كلمتنا واحفظ بلادنا من كل شر.
عضو مجلس النواب/عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل
محمد مقبل الحميري
ليفتش كلٌ منا في أعماقه أين الخلل؟ 1524