حين يتجاذ بك شعوران، أو تتقاسم عقلك خاطرتان، تكون أنت في مُنتصف طريق لا تدري إلى أيهما ستنقلّك قدماك، وفي أيهما سيتواصل مسعاك !!
هذا بالضبط ما يحدث بالنسبة لي كمواطن تجرّع مرارة اللّادولة، ويعيش في دولة التوافق، ويؤمّل في دولةٍ موفّقة.
وإن يكن العيش عسير في ظل العراء، فإن العيش في شبه بيت أعسر، لأنك لا تأمن في هذا الشبَه،، فربّما سقط عليك فآذاك إن لم يقتلك.
في الحقيقة هذا الشبَه هو الذي نعيشه الآن في شتى المجالات، شبَه تعليم، شبَه صحة، شبَه قضاء، شبَه أمن.. .. .الخ، ولا أقول إن هذا أسوأ مما كان، فكلتا الحالتين سوءٌ وسواء.
لقد بعث في نفسي الألم ما نعانيه اليوم في المنتصف من متاعب، نصفها الأول يشبه ماضينا المهترئ، ونصفها الثاني أشبه ما يكون بأحلامنا الوردية، التي تدفعنا لحب البقاء وحب الوطن على السواء.
لا أخفيكم السريرة في هذا، فما دفعني لأبوح ببعض المعاناة إلا مواقف مررت بها لم أتبيّن في أي موقف منها معناه، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
- حينما تذهب إلى أي دائرة حكومية تتأبّط أوراقاً وتريد إنجاز معاملةٍ ما، فتصطدم بحواجز من الإجراءات، ليست أقل ولا أضعف من تلك الحواجز الإسمنتية التي تواجهك في كل دائرة حكومية، ولستُ معترضاً على الإجراءات الأمنية المُتّخذة بسبب ظرف { المنتصف } الذي نعيشه، لكني أشير إلى إجراءات تتخذها أكثر من دائرة حكومية زرتُها، ليست من الأمن في شيء، حتى أنك ترى جمهور الناس الذين جاءوا لاستجداء الخدمة، يزدحمون في ملحق خارجي حول كاتب التصاريح التي هي أصلاً ممنوعة وأحياناً غير موجودة، فلا هم يدخلون نحو مكتب خدمة الجمهور، ولا خدمة الجمهور تستقبل أحداً منهم إلا بالتصريح المطلوب،، إذاً فمن الذي يدخل ومن الذي ينجز وماذا يفعل موظفو خدمة الجمهور ؟
بصراحة، يذهب المرء بمروءته وأوراقه، فيريقون الأولى ويضيّعون الثانية.
وعندها،، تعود بأوراقك خائب المسعى، خالي الوفاض، لا أنت الذي وفّرت جهدك ووقتك، ولا أنت الذي أحرزت مالك وحقّك، بل وقفت في المنتصف.
وحين يطالك الإعياء، ويتمكّن منك العجز، ترضى من الغنيمة بالإياب، فما هي الحيلة وقد أُغلق في وجهك الباب ؟
ومع ذلك فأنت تمشي عائداً وتتلفّت، عسى الباب يُفتح، وورد الأحلام يتفتّح،، وهذا { الأمل } هو الذي لا يزال فينا رغم الألم، وهو الذي يمدّنا بالحب والأحلام، فننظر للوطن، ونتطلّع للأمام، عسى أن نخرج من رِبقة العيش في المنتصف، ونعيش في دولة الإنسان.
محمد عكروت
في المُنتصف.. 1399