الحرية والاستبداد بينهما فرق ما بين الأرض ذات الصدع والسماء ذات الرجع! بينهما طرق القتاد ولأجلها تسفك الدماء وتزهق الأرواح!!فالمستبد دائما وأبدآ يقول: لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد يرينا ويهدينا حسب هواه وما يمليه عليه شيطانه فيتظاهر بالحرص على شعبه فيحرمهم من الحرية السياسية والفكرية الا ما يتحركون به نحو الأعمال التي تزود السوق وما يحتاجه الناس كالزراعة والصناعة المتواضعة وكحلب الشاه ورعي الأغنام والأبقار وكذلك لاستمرار عجلة الحياة!!!
فنجد أن بفقدان الحرية السياسية والفكرية: يذوي الإبداع و يتلاشى وتفتقد الخبرة والابتكار ويحيط الإحباط واليأس وتنعدم الكفاءات بشتى المجالات ويضعف أهل الرأي والعلماء والعاملين وتقل الكوادر المؤهلة فينشأ جيل غير مؤهل في شتى المجالات مما يسبب انحطاط أخلاقي وتراجع اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي فتتدهور الأوضاع في البلد المستبد فيتحول قسم من هؤلاء إلى مطلبيين ومصفقين للنظام المستبد فيكسبون ما يطمعون به وما يطمحون اليه من مال لكنهم يخسرون ويفقدون رصيدهم الشعبي ومصداقيتهم أمام جمهورهم بل يتحولون إلى مدافعين عن ما يمارسه المستبد فيبررون للشعب أن الاستبداد هو حرص من الحاكم على على حياة الناس والمواطنين مأوليين بأن القمع وسجن المعارضين إنما هو دفاع عن الأوطان وان هؤلاء الشراذم من الذين يطالبون بالحرية إنما هم حفنة من الماجورين وصنيعة الأجنبي ومصر خير مثال على ذلك فمصر بين طريقين طرق الحرية وطرق الاستبداد فعشاق الحرية وأعداء الاستبداد قتلوا وعذبوا وسجنوا ولاقوا من الانتهاكات مالا يتصوره العقل وذلك هو ثمن الحرية المنشودة التي يتطلعون نحوها والمستبد السيسي يقول إن هؤلاء إرهابيون أجندة خارجية وهذا ليس بغريب فالمستبد دائما يبدي مالا يبطن منافق محترف ونفاقه نفاق حضاري يظنه العوام صاحب خير وإصلاح مع أنها العدو اللدود لهم!!!
بفقدان الحرية السياسية يضاعف على الحاكم استبداده ويزيد فساده فتغدوا ثروة الشعب بيده فيمسكها أعوانه المقربين من علماء السوء والعسكر والأجهزة القمعية وكذلك المطبلين والرداحين المؤيدين والداعمين للاستبداد ولأنه يملك الثروة تكون الصحافة ووسائل الإعلام والمحاكم والقضاء كلها تحت يده وتصرفه
فيجمع الألاف بل عشرات الألاف من المطليين له في الساحات العامة. يرقصون ويصفرون ويفعون صور المستبد ويحملون اللافتات التي تمجده وتعظمه فيصدق نفسه على أنه محبوب وان الشعب معه فيطغى ويخيل اليه شيطانه انه أصبح الهاً يحمد ويمجد!!
والشعب جميعا قطيعا من الخرفان كسائر السائمة لا يرى ولا يسمع ولا يستنشق ولا يتحرك إلا بإرادة الحاكم وتوجيهه فأصبحت الأفكار حبيسه خوفا من المصادرة والملاحقة فلا تجد كاتب ولا صحفي ولا إعلامي أن يستطيع التفوه أوان يكتب إلا ما يمجد الحاكم وينصب لهؤلاء المستبدين الأصنام والتماثيل يراها الذاهبون والأيبون يمرون من جوارها صامتين يرددون بصمت سيأتي اليوم الذي تحطم به هذه الأصنام بل لعله قريب جدا وكذلك في ظل هذا المشهد الاستبدادي المؤلم والحزين تجد فقهاء الحاكم يخطبون ويدافعون حكامهم المستبدين ويوردون الأدلة من القرآن والسنة فيسقطونها على غير موضعها وعلى غير الحال التي أصلت وقعدت له حالها!!فيعتلون المنابر يدعون لطاعة ولي الأمر فطاعته واجبه.. .. والخروج عليه فتنة والفتنه نائمة لعن الله من أيقظها هكذا وبكل بساطة يسوق هؤلاء الفقهاء فقهاء الأزمات للحاكم فيقتل ويسجن ويعتقل ويعذب وبكاء الأطفال وصرخات الأمهات الثكالى بأبنائهن تتعالى فيسمعها المفتون وعلماء فيرددون(وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) فلو كنتم سمعتمونا لسلمتم وسلمت أرواحكم واستفدتم من متاع الدنيا ما تريدون هذا لسان حال علماء السلطة في بلاد العرب!
فلم يصنع هؤلاء المستبدين لأمتهم وشعوبهم غير المهانة والذل والخذلان ؟؟!!هل لأنهم بنوا.. جسرا.. أو مستوصفا.. أو مدرسة.. نفديهم بالروح والدم(نعوذ بالله من الخذلان )حتى هذه بنوها من مال الأمه وقد تكون منح ومساعدات من بعض الدول الغنية والصديقة.!!!
لكن لا تنسوا يا أعداء الاستبداد وعشاق الحرية أن الفجر قادم والشمس لابد أن تسطع قريبا وإن غدا لناظره لقريب!
هشام عميران
الشعوب ما بين الحرية والاستبداد 1483