"العنف والفشل صنوان أينما تجد احدهما تجد الآخر" , فنحن في العلاقات الأسرية أو الشخصية أو الاجتماعية أو السياسية وحتى في العلاقات الدولية نلجأ إلى العنف عندما نفشل, فنعاقب أطفالنا عندما نفشل في توجيههم نحو ما نرغب, وكذلك على مستوى علاقات الدول؛ نلجأ للعنف والحروب حينما نفشل في ترتيب المصالح, لان كل عنف أو قمع مصدره اعتقاد الإنسان بأنه يمتلك الحقيقة والصواب.

 وهذا الاعتقاد يجمد العقل- ليس عقل الذات وحسب-, بل وعقل الآخر, ويفسر لنا ذلك كيف أن المذهب السياسي أو الحزب يطلب من أتباعه ما تطلبه المذاهب الدينية من أتباعها وهي الخضوع الدائم , وهذا هو نقطة التلاقي الديني والسياسي والتي تتمفصل فيها (( اللاهوتانيه )) و (( السياسانية )), وفي غياب الديمقراطية تتعقد العلاقة بين الفكر والممارسة وتنشب الصراعات حول معنى الشرعية , ومعنى الدولة , ومعنى السلطة , ومعنى القانون , ومعنى الدستور.. إلخ. ويكون العنف أو الحل القمعي عاجزاً عن استيعاب المشكلة بل ويؤدي إلى تأصيل الاستبداد.

 بيد أن نضالنا السلمي اليوم سيقودنا حتماً إلى فكفكة بنية الاستبداد الذي نعاني منه في ثقافتنا السائدة والتي يغلب عليها قيم العنف وقيم الاستبداد وتارة يغلب عليها فلسفة المستبد العادل, وفي أحسن الحالات – وهي حالاتنا الثورية- طل علينا المستبد التوافقي ويجب علينا القبول به وهذه المرة بذريعة الوحدة والديمقراطية والثورة..

علينا أن نكافح ونناهض الاستبداد على إطلاقه وليس أن نثور على سيد لكي يحل محله سيداً آخر يمارس الاستبداد لأنه ( سنظل عبيداً مادام لنا سيد ) كما يجب علينا أن نكافح ضد السلبية والأنانية المفرطة المرتكزة على مراعاة المصالح الشخصية الضيقة دون الصالح العام وان نعمل بجد لتغيير تلك الرؤية الخلدونية للإنسان العربي والذي عبر عنها في مقدمته حين رأى " الإنسان العربي على استعداد لان يأخذ من البناء حجراً ليجلس عليه حتى لو أدى ذلك إلى انهيار البناء كله"...

 وقد علمنا نضالنا السلمي خلال الثورة الشبابية السلمية قيم الإيثار والذي يتجسد في تخلينا عن أحجارنا الخاصة لصالح البناء العام والحفاظ عليه.. "والشعب يريد إسقاط النظام