;
نهى البدوي
نهى البدوي

جريمة العرضي والقاعدة وفك الارتباط 1699

2013-12-28 19:34:17


لا يزال تأثير العمل الإرهابي الوحشي لجريمة مستشفى العرضي، الذي راح ضحيته أكثر من (270) بين قتيل وجريح في 5 ديسمبر 2013م، وما تضمنته مقاطع الفيديو، الذي بثته وسائل الإعلام اليمنية من مشاهد وحشية ، مهيّمن على عقول الناس بكل ما أفرزته تلك الجريمة من تأثير نفسي جراء القتل الوحشي، والهمجي للأبرياء، الذي لم يألفه اليمنيون من قبل في الجرائم الإرهابية التي يرتكبها تنظيم قاعدة جزيرة العرب في اليمن، أو تنظيم أنصار الشريعة الوجه الآخر له، وان كانت الشكوك تساور المواطنين في الأوقات السابقة، حول أهداف بعض العمليات المنفذة سابقاً على أنها تحمل، وتخدم أهداف سياسية تصب لمصلحة بعض القوى السياسية، أو الدينية إلا أن حقيقة هذه الشكوك تعززت هذه المرة عند الكثيرون منهم لتفك الطلاسم، والغموض الذي يعتري جريمة العرضي، وليكشف الجهة، أو الجهات المنفذة لها.

التخبط الإعلامي، والبيانات المتناقضة، التي صدرت عقب ارتكابها، والتهيئة الدعائية التي سبقت تنفيذها، والتبريرات المتناقضة التي سبقت فترة بث مقاطع تصوير الفيديو ووحشية القتل الذي قام به الجنود في المستشفى، وبيانات التبرؤ من هذه الجريمة، والاعتراف، والاعتذار الذي جاء في كلمة مرئية للمسئول العسكري لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، قاسم الريمي، أبو هريرة الصنعاني، حول عملية اقتحام وزارة الدفاع، وبثته مواقع الأنترنت السبت 21 ديسمبر، لم يًحسن من صورة القاعدة عند المواطنين، بل زاد من غضبهم، نظراً لشدة وقوة الفاجعة وما زرعته من حاجز، ومانع نفسي في نفوسهم إلى جانب أن حالة التخبط رسمت صورة سيئة عن حقيقة الجهاد المزعزع لتنظيم (القاعدة)، وخطابها المؤثر عند الشباب، ولن ينفع مع ذلك التحول، أو يمحوه اعتذار التنظيم، أو دفعه ديات القتلى بل إن جريمة، (فضيحة العرضي في نظر أنصاره) كانت لها نتائج غير متوقعة، وكشفت الألاعيب قادة تنظيم ( القاعدة )، ومدى استخدامه من قبل الأطراف السياسية كاداه خفية من أدوات الصراع، والضغط السياسي، ومغالطة الشباب وتضليلهم بأفكار لأتمت بأهداف الجرائم الإرهابية التي ينفذونها أي صلة، وكأنهم دمية تتحرك آلياً لتنفيذ ما يُطلبه منهم قادة التنظيم، ابتداءً من مهاجمته الجيش في الجنوب، ومجزرة السبعين، ومجزرة كلية الشرطة بصنعاء، وانتهاء بجريمة مستشفى العرضي وقتل المرضى، وبما تؤكده صورة الإرهابي الذي كان يقتل كل من يراه في طريقة، امرأة، أو رجل، أو طفل دون تمييز، لتتحول تلك المشاهد التي أدمت القلوب إلى نتائج، وواقع مؤلم، ومدمر للتنظيم، قد يقود إلى إشعال صراع بين أنصاره، وتياراته المحلية، والإقليمية، والتناحر في ما بينهم، وما التكتم على الاختلافات والتباينات التي برزت بين عناصره في المحفد بابين الأسبوع الماضي، وتحولها إلى صراع مسلح بينهم، والذي تزامن حدوثه مع بث التسجيل المصور للقائد العسكري لتنظيم "قاعدة الجهاد بجزيرة العرب"، إلا مؤشر لتلك النتائج والتهاوي المرتقب للتنظيم.

كما أن ملابسات الجريمة، وما تناولته الوسائل الإعلامية في يوم ارتكابها من نشر إعلامي مخيف لصرف الأنظار عن مكان الجريمة، وما سبق تنفيذها من تهيئة دعائية، ودعم لوجستي، وتسريبات عن مخطط لإسقاط وزارة الدفاع، والعاصمة صنعاء، يكشف أن الهدف من تنفيذها كان اكبر بكثير من الأهداف المعروفة، وما يروج له التنظيم ًسابقا سوى المنفردة منها، أو تلك المشتركة المرتكبة في المعارك التي دارت بين التنظيم، والجيش في محافظات أبين، والبيضاء، وحضرموت، ليؤكد أن الهدف منها يرتبط بإجهاض التسوية السياسية في اليمن، ويخدم بعض التيارات السياسية، والدينية، وان إصرارها على نسفها قد قاد أحد الشركاء في الجريمة (إن لم يكون أكثر من طرف) لتضليل تنظيم (القاعدة) وتحويله من أداة صراع كان يستخدم بالنيابة سابقاً بصورة مباشرة، أو غير مباشر ليصبح جسر عبور لتنفيذ المؤامرات، وتحمل أي تبعات لفشلها، وهذا ما أظهرته صور مقاطع الفيديو في جريمة مستشفى العرضي عند ظهور احد الإرهابيين، وهو يقوم بالتصفية الجسدية للأطباء، والمرضى، وكأنه يبحث عن شخص محدد (الرئيس لاغتياله أو شقيقة محمد لاختطافه ولي ذراع الرئيس)، خصوصاً أن توقيت تنفيذ الجريمة سبقه تهيئة بإشاعة ارتكاب جرائم الاختطافات، والتي انتهت حادثة اختطاف لنجل مسئول محلي مباشرةً بعد فشل جريمة العرضي.

هناك كثير من المؤشرات التي تؤكد وقوع القاعدة في فخ الشريك الآخر (المستفيد من نتائج الجريمة) في حال نجاح تنفيذها للهدف المرسوم، من خلال تضليل التنظيم بمعلومات مغلوطة لمواقع وهمية ( مراكز السيطرة للطائرات بدون طيار )، وهذا ما يتجلى بوضوح من خلال مقدمة الاعتذار للقائد الميداني لتنظيم القاعدة بجزيرة العرب قاسم الريمي أبو هريرة الصنعاني الذي تضمنته مقاطع الفيديو المصور الذي برر فيه الخطأ، وتنبيه التنظيم لثمانية من عناصره، وعنصر آخر لم يلتزم الذي قد يكون مرشد، أو من طرف الشريك، حيث قال القائد العسكري لتنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، قاسم الريمي في رسالته المصورة التي نشرت عبر الانترنت "نحن هنا إذ نعترف بالخطأ والذنب نقدم اعتذارنا وتعازينا لذوي الضحايا"، مؤكداً "إننا نبهنا إخواننا وأكدنا عليهم أشد التأكيد أن في المجمع مصلى ومستشفى وعليهم الحذر من دخول المصلى والمستشفى فتنبه لذلك ثمانية من إخواننا ولم يتنبه أحد إخواننا رحمه الله وغفر له، ونحن هنا إذ نعترف بالخطأ والذنب نقدم اعتذارنا وتعازينا لذوي الضحايا".

تباين وتناقض المواقف الصادرة من بعض الأطراف عقب تنفيذ الجريمة الذي بدء بالتبرؤ، أو الوقوف خلف تنفيذها، وانتهاء بالتبني، لا يعكس إلا حالة الوهّن والنتائج المؤلمة التي طالت علاقة الطرفين، والتي أدت إلى خلق واقع، ومؤشر جديد قد يفضي إلى فك ارتباط التنظيم بحلفائه السابقين والسعي لتحسين صورته السيئة وما لحقها من تشويه في نظر المجتمع، وخصوصاً الشباب ليتحمل وحده المسئولية الكاملة عن ما حصل، كما أن التسوية السياسية، والأحداث الأخيرة قد ربما تقود بالوضع السياسي في اليمن إلى خلق واقع جديد لتجد بعض الأطراف (العائقة لمسار التسوية ) نفسها أمام مأزق ستسعى فيه لإعادة صياغة تحالفاتها المشبوهة مع التنظيمات الإرهابية المبنية على تقاطع المصالح خصوصا في ظل معلومات سربت عقب الحادث عن اعتقال ( 8 ) أفراد من منفذي العملية، والتي قد تقود التحقيقات معهم لكشف بعض الخفايا، مما سيؤدي فعلاً إلى وضع التنظيم في مأزق لإعادة النظر في تحالفاته مع بعض القوى التقليدية، والدينية بعد أن تكشفت حقيقة صورتها للعامة، وأهدافها، وخطورة ارتباطاتها، واستخدامها من قبل التيارات السياسية كغطاء لممارسة أنشطتها الإرهابية، وما يعزز هذه الفرضية غياب المواقف الواضحة من قبل بعض القوى الدينية، وعلماء الدين والبارزون، وصمتهم المريب، وعدم إصدارهم أي فتوى الدينية لنسمع عن موقف لهم من ارتكاب الجريمة، والذي يأتي في مقدمتهم العالم الإسلامي الشيخ عبدالمجيد الزنداني، لاسيما بعد تفاعل علماء المسلمين، وكل المراجع الدينية، والإسلامية مباشرة، والتنديد بالجريمة، وإصدارهم الفتاوى التي تحرم ارتكاب مثل هذه الجرائم، وكان آخرها ما قاله المفتي العام للمملكة العربية السعودية فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ خلال محاضرة ألقاها الأسبوع الماضي في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: " إن من يفجر نفسه بالأحزمة الناسفة "مجرم عجل بنفسه لنار جهنم"، واصفًا العمليات الانتحارية بأنها من "وسائل أعداء الإسلام للفتك بشباب الإسلام"، وقوله  :" إن قتل النفس "جريمة كبيرة من كبائر الذنوب، والذين يقتلون أنفسهم بهذه النواسف هم قوم مجرمون عجلوا بأنفسهم لنار جهنم".

تطور الأحداث، والمواقف لتنظيم (القاعدة)، وما لحق بشركائه من صفعات مؤلمه لا نستشف منها إلا ان ارتكاب جريمة مستشفى العرضي قد رسم بدايةً للطريق لانفراط عقد التحالفات الخفية بين تنظيم القاعدة، وحلفاؤه من القوى السياسية، والتقليدية، والدينية، والاتجاه نحو فك الارتباط بينهم ، والذي لاشك من انه سيمثل درساً قاسياً للتنظيم وخلخلة بنيانه التنظيمي، بعد بروز بعض المؤشرات لانعكاسات هذا الانفراط وإسهامها في توضيح الرؤية عند الشباب والتأثير عليهم بالإيجابية ليعودوا إلى جادة الصواب، والتخلي عن الأفكار المتطرفة، وترك تنظيم (القاعدة)، بعد أن اتضحت، وتبينت الأهداف الخفية لقياداته، واستغلالها لهم كأدوات متحركة ليرتكبوا الجرائم المحرمة باسم الدين، وهو (برء) منها، لتصب في مصلحة أطراف سياسة أخرى.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد