;
سمية الفقيه
سمية الفقيه

أيا وطني..!! 1610

2013-12-28 18:52:05


أيا وطني.. حزين أنت حد الوجل.. دامعة هي حناياك حد النزف الأخير, لم يعد فيك ما يشبهك سوى وميض خافت يتأبط ملامحنا الباهتة وصمت يأتينا مسكوناً بالنحيب, لم يعد فينا ما يشبهنا سوى نفق يسربل بنا إلى ليل معتم العداوات.. نتساءل هل ما زلت تعرفنا ام أم انك ضللت إلينا الطريق, هل مازلنا نشبهنا أم تِهنا بين الوهم وبين الجدار ولم نعد نشبهك حتى ولو مسافة ومضة, حتى نحن أصبحنا لسنا نحن, بل تسربنا بين أخاديد زمن لا يرضى إلا بالبغض مخرجاً وملاذاً.. صرنا نستحي منك كثيراً كثيراً.. بأي الوجوه سنواجهك وقد ضخمتنا قباحاتنا وغيِّنا؟, بأي التقاطيع سنلقاك وقد تلاشت من بين محيانا ملامح الطيبة وعلامات العفو والتصالح؟, بأي الكلمات سنطلب منك أن تشملنا بعفوك ونحن تسكننا الخطايا وتمتطينا الأحقاد وتكبلنا الويلات وتنكس رايات ولاءنا لك قباحات هتكت فيك كل طهر وعفة؟.

أيا وطني.. جئناك عرايا من الألفة و الولاء ونال منا الحقد و الرياء والتمسح حول تابوت الأصنام البشرية.. موغلون نحن حد البكاء في الغوص بتفاصيل التيه والشتات.. يا إلهي ما كل هذه الأدخنة التي تحاصرنا وتحصرنا كأخطبوط ماجن لف حول أخمص أرواحنا نتاناته. وصار الوريد والوريد أشد قرباً من التلاشي والزوال؟. ما كل هذا القنوط الذي حفر مستنقعاته حول أناتنا والوجع؟، أضعنا الوقت والسنين بتجميل القبح وتزيين الخواء, فَوّتنا عليك فرص الانعتاق والنجاة وصلبنا أنفسنا حول الجمود وكهنوت الجهل وعصبية الجاهلية الأولى.

أيا وطني.. مشوار حياتنا فيك كلها عثرات وإخفاقات وفشل عظيم وصرنا وبكل ألم نتفنن في الكلام لا الأفعال, أصبحنا نجيد رص الشعارات الخرقاء, فوتنا على الوطن الفرص الكثيرة كي يتعدى عنق الزجاجة وبالكلام فقط أفرغنا الشعارات من مضامينها وألغينا من قواميسنا مصداقية القول وباعدنا بين القول والفعل كبعد السماوات السبع وغدونا أوهن من خيط عنكبوت معلق بين الهاوية والهاوية.

 تفننّا في تجميع كل المعاني، لكننا للأسف نأخذ منها جانبها السلبي فقط.. ببراعة شديدة جمعنا كل المفردات, فصارت بحجم الجبال الشماء، لكننا أخذنا أسوأها وجمعنا كل العبارات حتى ضربنا الرقم القياسي برص الكلمات الجوفاء, لكننا أخذنا أشنعها, سلسلنا التصرفات وانتهجنا أبشعها, عددنا الصفات وامتطينا أقبحها, جمعنا وطرحنا, قسمنا وضربنا، والنتيجة خسرنا أنفسنا ووطننا الكبير حتى أوشك أن يصير أثراً بعد عين، ومع ذلك مازال الموقدون على النار يشعلون من حطام أرواحنا الواهنة بذاءات أطماعهم.

فهل ما زلت يا وطني الغالي تعرفنا أم ضللت إلينا الطريق؟, فكيف تعرفنا ونحن أنفسنا لم نعد نعرف ماهيتنا وصرنا لسنا نحن وتحولنا لأشباه بشر ودفنا إنسانيتنا تحت جمر العداوات والمؤامرات وكير المجون وقهقهات الأعيرة وخبث النفوس ولدغات الخديعة والعهر السياسي.. فقدنا الطريق وتهنا بين الوهم والوهم وتسربنا بين مخالب زمن لا يقبل إلا بالبشاعة حلاً ومخرجاً.. أخذتنا الأحقاد بعيداً عنك وأوصدت علينا الأبواب وقالت: هيت لكم اغترفوا مني ما استطعتم لأني نهر لا ينضب, غمسنا فيها أيدينا فخرجت حالكة الكراهية وجئناك وقد خرجنا عن حدود الإخاء.. فهل تستطيع أن تعتقنا من هيجاء التناحر والفُرقة ونحن بحالنا هذا من العناد والغلظة وتحجر العقول؟..

أيا وطني.. نستميحك عذراً, فقد فشلنا في المحافظة عليك شامخاً, فمهجنا انهكتها الويلات والتوحش وجف فينا الضمير اليمني والوهج الإنساني وأرواحنا قد شققتها أغلظ المآسي وأضناها الذبول وعذبها جفاف الولاء لك ولا متسع فينا لأي بسمة مطفأة أو أي فرح ذابل..

أيا وطني.. إياك أن تحزن وأنت تحزن وأنت تتعامل مع أمثالنا لأننا لا نستحقك ولا نستحق ان تحزن علينا أو تذرف علينا دمعاتك الغوالي, لكننا نتوسل لكل ذرة طاهرة فيك ألا تهجرنا ملياً وألا تظلمنا ولو مثقال ذرة كما ظلمنا بني البشر.. نتوسل إليك اغفر لنا غيِّنا وغباءنا وظلمنا لأنفسنا.. أيا وطني.. نحبك.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد