النساء غالباً لا تفهمن الأسباب والدوافع التي تحدو بالكثيرين من الرجال إلى التهرب منهن عندما تبدأ العلاقة بينهما وتأخذ طابع الجدية.
وعندما لا يكون هناك اهتمام حقيقي من النساء تجاههم، يعتقد هؤلاء العزاب أن احتمالات إصابتهم بالأذى تكون بعيدة، وطالما بقيت العلاقة سطحية يبقى هدفها التسلية وتبادل المسرات فقط.
أما الحقيقة فهي أن التسلية وتبادل الاتصالات عن طريق الهاتف الجوال أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي صارت متاحة للجميع وخاصة فئة الشباب كما أن تبادل المسرات نادر ما تصيب أياً من الجنسين إذا سارت الأمور على هذا المنوال، عندما تقع المرأة ضحية لعازب يتغزل ويتفنن باتباع طرق المكر والخداع وابتكار كل الطرق والسوائل لإيقاع الفتاة أو المرأة في المصيدة.
قد تضطرب حياتها تماماً عندما يثار الرجل على العيش دون توثيق الارتباط وجعله عميقاً سرعان ما يفرق في وحدة رهيبة، وأسوأ ما فيها أنها تدفعه إلى كآبة مستأصلة.
هؤلاء الرجال الذين يتهربون من الزواج غارقون في نزاع قاس يمزقهم ما بين التشوق الهائل إلى التقارب والذعر من التقاط "الضارة" على أن توترات هذا النزاع هي من النوع الباطني عادة.
ولكن ما الذي يدفع ببعض الرجال إلى التصرف على هذا النحو وما هو سبب ازدياد ظاهرة الرجال الذين يهربون من الارتباط العائلي في هذه الأيام؟.
المشكلة معقدة وهي تختلف ما بين شخص وآخر ومع هذا دعونا نلقي نظرة العامل الاجتماعي أولاً:
غرام وتسلية دون ارتباط: بعد ما تغيرت المعايير الاجتماعية كثيراً في الآونة الأخيرة، وخرجت النساء من وراء الحجاب وكسر القيود التي كانت مفرد به عليها كي تتمتع المرأة بحرية جديدة لم تكن لتتوفر لهن فيما مضى، صار سهلاً على الرجال بل ومقبولاً منهم من بعض المجتمعات أكثر من غيرها أن يحصلوا على التسلية وإشباع الرغبات الجنسية من دون وعد بالزواج.
ضغوط اقتصادية: ينشأ القلق من الزواج عند بعض الرجال لاضطرارهم إلى أني لعبوا دور من يؤمن العيش للزوجة والعائلة، وخصوصاً في هذا العصر الذي بلغ فيه الغلاء حداً يقصم الظهر وتزايد معدل البطالة بين الشباب خاصة، وكثيراً ما يخاف هؤلاء من عدم استطاعتهم تأمين متطلبات هذه المسئوليات والالتزامات.
تبدل دور المرأة: وفي المقابل أن تتمتع النساء بمكانة أقوى كأفراد ونيلهن استقلالية لم يكن لديهن منها شيء فيما مضى، بل إن تحولهن إلى منافسات للرجال في كثير من المجالات بل معظمها، جعل بعض الرجال ينظرون إلى المرأة كمنافسة لهم وليس كمصدر للدعم، كما أن فرص حصول المرأة على العمل أكثر من فرص الرجال في معظم مجالات العمل الحكومي أو الخاص.
شرك الزواج: وعلى الرغم من استمرار نظرة معظم النساء إلى الزواج على أنه إنجاز إيجابي، فإنه لا يزال في نظر الكثيرين من الرجال نهاية لمسرات وحرية الشباب وبداية لنوع من العبودية، ويرون هذا النوع من الارتباط على أنه شكل من أشكال الاستسلام.
تقارب مبالغ فيه يقضي على الراحة: والآن ماذا عن الجانب النفسي لهذه الصورة؟ إليكم توضيح أكثر الأسباب العاطفية الشائعة مما يدفع بالرجال إلى الهرب من الزواج:
1. الغضب: هناك نظرية تقول إن الرجل لم يتمكن من التخلص بعد من عضه على أدل أنثى في حياته أي والدته، من هنا فهو ينقلب ضد النساء على وجه العموم، ويعبر بعض الرجال عن عدوانهم هذه بالظهور تاركين المرأة غارقة في بحر من التخمينات، بينما يخبئ آخرون مشاعرهم بنجاح أكبر إلا أنهم كالأوائل خائفون من التقارب الأليف: فهو ربما يشعل غضبهم.
2. عدم النضوج: مشكلة بعض الرجال في هذا المجال أنهم لم ينضجوا بعد فمشاعرهم الداخلية أشبه بمشاعر صبيان صغيري السن عاطفياً ونفسياً.
3. الانعزال: حتى يتجنبوا الآلام والمسئوليات يبقى بعض الرجال بعيدين عن اهتماماتهم بأي شيء ويتصرفون ببرود وعدم اكتراث حتى لو تزوجوا.
4. المثاليون: عندما لا يشعر الرجال بالطمأنينة فإنهم يتصرفون كأمراء ويبحثون عن الزوجة المثالية ـ امرأة مخلصة ـ ماهرة في كل شيء ـ بريئة إنهم يريدون المستحيل.
5.مقاومة ذاتية: بعض الرجال يتمتعون بالبحث عن المال أو العواطف ويعتبرون الزواج وسيلة لتجريدهم من كل شيء.
أخيراً نستنتج مما مضى أن مشاكل هؤلاء الرجال قد تكون بسيطة، بينما هناك آخرون هم بحاجة لمساعدة طبيب أخصائي أمراض نفسية كي يتعلم هؤلاء الرجال أن الألفة العاطفية يمكن أن تحمل معها كل المتع وخوض التجربة والوصول بهم بر الأمان.
د.عبدالسلام الصلوي
الذين يتهربون من الزواج.. لماذا؟! 1435