لا يختلف اثنان أن الهدف الواضح والجلي من بث التلفزيون الرسمي لتلك المقاطع المروعة والمتوحشة لمجزرة العرضي, هو خَلْق اصطفاف شعبي واسع ضد الإرهاب والقاعدة وممارساتها الإجرامية البشعة التي تتنافى مع كل القيم والأعراف والثقافات الإنسانية على ظهر هذا الكوكب.
ولكن ما لا يُعقل ولا ينطلي على أحد ـ أياً كانت ثقافته وفهمه للأحداث ـ أن تكون الدولة والحكومة ليست على علم أو معرفة بما يلي:
ـ أوكار الجماعات الإرهابية, و (الفقّاسات) التي تفرّخ الإرهاب وتتبنى هذا الفكر, والموجودة في أماكن متعددة في العاصمة صنعاء قبل أي مكان آخر.
ـ القائمين على هذه الأوكار ومن يتبنون نشر وغرس هذا الفكر المفخخ, ومنهم مسئولون نافذون وشيوخ دين وقادة عسكريون وغيرهم لهم علاقة كبيرة بالدولة ويتواجدون في جميع مفاصلها, ولديهم مدارس ومساجد وجامعات وكليات ومراكز خاصة بهم في العاصمة صنعاء وغيرها.
ـ اللاعبين بورقة القاعدة والمتحكمين بها الذين يصدرون لها الأوامر والتوجيهات.
ـ الداعمين المباشرين والداعمين اللوجستيين الذين يقومون بتقديم الدعم المباشر وغير المباشر للقاعدة, بما في ذلك توفير كافة التسهيلات وإزالة الصعوبات والعوائق عند تنفيذ أي عملية إرهابية.
نحن جميعاً متأكدون أن معظم الشعب اليمني ضد القاعدة وإرهابها, وضد هذا التوحش والفكر الخبيث والمفخخ, باعتباره فكر لا ينتمي للمجتمع اليمني ولا إلى بيئته وعاداته وثقافاته المتعددة والمتنوعة, وهو ببساطة ندركها جميعاً, فكر مستورد ودخيل على اليمنيين والمجتمع اليمني بشكل عام.
ولكن ما معنى أن تعمل الدولة والحكومة على خلْق اصطفاف شعبي واسع ضد الإرهاب, بينما يتم التستر عن المتورطين والداعمين واللاعبين الرئيسيين والأيادي الخفية التي تقف وراء ذلك رغم إدراكنا أنها على علم ويقين تام بتفاصيل كل ما سبق؟؟
هذا من جهة, ومن جهة أخرى وطالما أن هناك نداء رسمياً من قِبل الدولة والحكومة للشعب اليمني كافة بالاصطفاف ضد الإرهاب وجرائمه البشعة, ففي مصلحة من تصب عملية إخفاء نتائج التحقيقات وتغييب الحقائق وعدم إظهارها للشعب..
نحن كمواطنين وشعب لا شيء مؤكد لدينا سوى أن إخفاء الحقائق والتستر عليها وعدم كشفها وإظهارها, هو تستر على كارثة تعجز الألسنة والألفاظ عن وصف حجم بشاعتها وكارثيتها ستأكل الأخضر واليابس وستحرقنا جميعاً دون استثناء إن لم يكن هناك موقف حكومي رسمي حازم وجاد وفي الوقت نفسه واضح وشفاف في اجتثاث هذه الآفة وتجفيف منابعها والتعامل بحزم مع كل من له علاقة بها..
كان الأجدر بحكومتنا (الموقرة) ـ على أقل تقدير ـ أن تحترم عقول مواطنيها وعقول أهالي الضحايا بكشف الحقائق لهم وعدم التستر على المتورطين والداعمين المباشرين وغير المباشرين, لا أن تستعطفهم وتطلب اصطفافهم ضد الإرهاب ببث تصوير رسمي للمجزرة فقط.
محمد العدوفي
على الشعب الاصطفاف.. وعلى الحكومة كشف الحقائق!! 1231