منذ أن تعالت أصوات الثوار في بداية المهام في الشروع في حل القضية الجنوبية وإنصافها, فكانت ربما القضية الجنوبية هي الشرارة الأولى للثورة السلمية في اليمن فأيقظت النفوس والضمائر وأشعلت الشجاعة والحماس أمام المقهورين والمظلومين والمهمشين سياسياً واجتماعياً وعسكرياً ومناطقياً.
فتعالت القضية الجنوبية بمطالب استحقاقية مشروعة وحقيقية وواقعية. فتوافق على إنصافها جميع المكونات والقوى المتواجدة في الشارع اليمني وفي مقدمتهم شباب الثورة فكانت علما للنضال السلمي ربما على مستوى المنطقة العربية بشكل عام ..حتى استفحل عليها الأوصياء والصقور والمفلسين والمخلصين والداعمين والناقمين والثوار والوطنين والحاقدين والفاشلين والمأجورين فأختلط الحابل بالنابل فتحولت القضية من استحقاق إلى استقطاع. ومن مطالب وطنية داخلية إلى مطالب نفوذية خارجية. تسعى إلى الانفراد والسطو والتوسع النفوذي وركوب الموجه معتمدة على طموحات وآمال وخبرات تيار البيض المؤكل بالمهمة.. وفي نفس التوقيت هناك قوى خارجية تعمق تواجد انصار الشريعة وبسط نفوذها على البساط وعلى السواحل الجنوبية والشرقية. كما هو نضال وطموح الجيل الصاعد والقوى الثورية والوطنية في الشارع الجنوبي للتنافس والتصعيد والوقوف أمام تلك المخططات التي تتكالب على الأراضي الجنوبية والشرقية وعلى حساب القضية الجنوبية. فأصبح كل يغني على ليلى. بأنامل التوجهات وبعزوف القوى الخارجية التي تسعى لضرب عصفورين بحجر واحد. الضغط على القيادة للتعاطي مع مصالحها والسباق على تغذية القاطنين والساكنين في المناطق التي تكمن مصالحها فيها. والاحتياطات المرتقبة التي تمكنها اذا تحقق فك الارتباط أو استقلالية الأقاليم حتى تكون هي اليد الأعلى في مثل هذه المفارقات لأنها تعلم أن من يساندون ويدعمون المكونات الانفصالية ربما تختلف معهم سياسيا أو فكريا في المنطقة. في نفس السيناريو لا يمكن أيضا أن تنسى القوى الجنوبية أن هناك من يستغل مشهد تواجد تنظيم القاعدة في الجنوب كأعذار لإحداث فوضى وانفلات وعدم استقرار وتناقضات ليشرع للقوى الأجنبية التدخل والسيطرة لمجابهة القاعدة في جزيرة العرب.
فالملفات شائكة ومعقدة وربما الكثيرون يتجاهلون مثل هذه المؤامرات والمخططات الثلاثية التي تسعى إليها هذه القوى الخارجية على حساب اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص. فمن هذا المنطلق كان ينبغي على القوى السياسية والثورية والقوى الصامتة في الجنوب أن تعيد النظر في ملفات القضية الجنوبية التي أصبحت تسوق أمام الرائي العام على أن القضية قضية فك ارتباط فقط. وهذه إشارة مدعومة وشفرة للوصول إلى المشروع العالمي الفارسي الأمريكي العام ومن شايعهم وتحالف معهم. فالمخططات التي تحاك بالجنوب اليوم تهدف إلى تعمق التشظي والانقسام بين أبناء الوطن الواحد ..ومن ثم سيفعل ملف القاعدة وتترجم المشاهد إلى وقائع وحقائق, فالمنقلب خطير وكان يتطلب من الشارع الجنوبي أن لا يركن إلى الصقور ولا إلى الأوصياء بالتفرد واختطاف قضيتهم العادلة والصادقة.
وعليهم أن لا يركنوا ولا يتخوفوا من تلك العصابات التي تتعمد وتفرض هيبة الاستبداد والقمع والإرهاب المناطقي والفكري والسياسي وتحت مسميات القضية الجنوبية.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
القضية الجنوبية وعلاقتها بالأوصياء 1294