مثل حادث مجمع وزارة الدفاع بصنعاء فاجعة لكل اليمنيين, لم يشهده تاريخ اليمن القديم أو الحديث, ولن تنساه الذاكرة اليمنية مجتمعة, وسيظل عنواناً للشر بكل فصائله وألوانه وأطيافه واتجاهاته, ولن يمر دون أن يترك بصمة لقبح الفاعل الذي استفرغ منظومة الشر من الحقد والبغي والظلم, و ذهب ضحيته مئات القتلى والجرحى من الأبرياء الآمنين, حين اقتحم المجمع أشباه بشر في زي نحبه جميعاً اختبأت خلفه معالم وجوههم القبيحة, فاستغاثتهم الأبرياء من الأطباء والمرضى ظنا منهم المساعدة حينما تلقفتهم أعينهم, إلا أن البغي والحقد أشهر سلاحه, وسقطت تلك الإغاثات, جثثاً هامدة, لترتفع تلك الأرواح لبارئها تشكو هول الفاجعة التي اهتزت لها كل أرجاء الوطن واستنكرتها الإنسانية بمختلف ثقافاتها, وأدانتها كل المنظمات والاتحادات والهيئات الدولية.

حقد دفين وبغي على كل كائن يتنفس ويتحرك على الأرض الطيبة, أي لعنةً سكنت تلك القلوب التي تبرأت منها كل الشرائع والأعراف, وأي طائفة أو جماعة أو فئة منحت نفسها حق إهلاك الحرث والنسل بل وعملت على شرعنه عنفها دون غيرها من البشرية وحقها في الحياة دون غيرها, تلك الجريمة البشعة عكست روح ونفس الفاعل الخبيث, ومدى الحقد والبغي على هذا الوطن وأبنائه واستهداف مقدراته بشتى الوسائل بهدف شل حركته وإبرازه للعالم في صورة الوطن المشوه والعاجز عن إدارة ذاته, وطن اتسعت رقعته لكل أبنائه حتماً يفد إليه لا يجد فيه أي فوارق أو امتيازات, الكل فيه سواسية في حين لا تتوفر أدنى قيم الإنسانية في غيره من الدول, لم يكن الوطن بهذا السوء ليقابل بتلك الجريمة البشعة.
 هي غريبة عن قيم الحكمة اليمانية, هي ثقافة الغاب والتوحش والتلذذ بمنظر الدماء لا تمت إلى تاريخنا السلمي وتراثنا الحضاري بصلة, لم تكن حادثة عابرة بل كانت نتاج سنوات من التربص والتعبئة والتحريض والتربص والحقد والبغي الذي ظل ينمو وترعاه يد المكر وتتبناه وتحميه نفوس عفنة مريضة استساغت المعاناة واستمرأت الآلآم بررت لنفسها البقاء حية ولغيرها باطن الأرض, فلسفة التصفية والقمع والتفتيت والاحتراب قديمة حديثة ليس لها ملة أو دين وجهتها الشيطان وديدنها المصلحة الشخصية فحسب, لم يستطع الحقد والبغي تحقيق ما أراده من دخوله مجمع العرضي وتوقف عند البوابات وهذا بفضل الله وحكمته وبفضل الأبطال من رجال الشرطة والقوات الخاصة وكافة القوات التي شاركت في تلك الملحمة البطولية, ليوقفوا نزيف الدم واتساع رقعته, فالجسم رخو يخشى عليه من التفتت وسط هذه الهجمات المتوالية, وحتى لا تظل الطريق مفتوحة أمام سلة المشاريع المتحدة لعرقلة الدولة الحديثة, دعوة صادقة للتعاون والتسامح والتناصح ودعم الحوار الوطني لضمان مخرجاته التي سيعول عليها في صياغة عقد اجتماعي جديد يضمن الحرية والمساواة والعدالة لكل مواطن, دعوة للمتحمسين لدعوات الخراب والحنين إلى الاحتراب والعنف حينما أقدم منظومة الشر بفعلته أحرق الجميع دون تمييز لأحد, وحرى بنا جميعا أن نقف أمام هذه الموجة التي ارتفع سقفها وأصبحت وبالا علينا جميعا, فكل دعوة إلى عرقلة الدولة الحديثة هي جزء من منظومة الشر, ولن يعفى أحد منا من القيام بواجبه, ولن يضع حدا لمنظومة الشر سوى شعورنا بالمسؤولية تجاه الوطن ليتوقف النزيف المستمر, فإيماننا بالتعايش المشترك والقيم الحكيمة والغاية الواحدة سيفوت على منظومة الشر فرصة النيل من هذا الوطن, ولن يجد ذلك الورم الخبيث مكانا يعيش فيه سوى الانتظار لما سيقرره القدر بحقه .