للوهلة الأولى سيتبادر إلى أذهاننا" العشرة المبشرين" بالجنة، لكنهم ليسوا هم المبشرون بالجنة..
كثير منا عندما يسمع" المبشرون في الجنة" يتبادر إلى ذهنه العشرة المبشرين بالجنة، لكن المبشرين في الجنة في سلسة المقالات التالية هم أحياء بيننا و أناس نسمع عنهم كثيراً نتداول قصصهم ، نحكي تصرفاتهم اليومية ولسان حالنا يقول: والله أنه مرتاح وفي جنة، قليل من الناس من يعيش حياة الجنة, فالقلة دائماً هم الفائزون والقرآن الكريم دائماً ما يشير إلى القلة الذين هم الأولون وهم في جنات النعيم وهم أيضاً عباد الله الشكور، فلماذا هؤلاء في جنات النعيم والكثير ليسوا كذلك ؟..
بعيداً عن المعني والتفسير القرآني للآيات؛ سأحاول في سلسلتي هذه سرد المبشرين بالجنة من مفهوم جنة الدنيا حتى لا أتـهم بأني أملك مفاتيح جنة الله بلغني الله وإياكم .
يعرف اللغويون الجنة بأنها البستان العظيم الذي يستر ما بداخله، وهي مشتقة من مادة: جنن التي هي بمعنى الستر، ولذلك سمى الجن جنا لاستتارهم واختفائهم عن الأنظار، كما سمي الجنين جنيناً لاستتاره في بطن أمه، ومنه جنون الليل أي شدة ظلمته وستره لما فيه... انظر لسان العرب.
التعريف لشرعي لمعنى الجنة ليس مجال حديثنا الآن وليس هو حدودنا ، إذاً الجنة بستان عظيم ويستر ما بداخله ، في علم الفيزياء استخدمت كلمة العظيم في الانفجار الكوني باعتبار أن قياسات هذا الانفجار هي خارج الحسابات الكونية البسيطة وبالتالي البستان العظيم أو الجنة تكون قياساتها خارج حدود تفكير الإنسان العادي ، إذا أين يمكن أن نجد عظمة هذا البستان وكيف يمكن نكتشفه ، كيف يمكن لحدود البصر أن يرى هذا الستان وأن يحدد معالمه وماذا يحتويه ماهي مساحة الجمال والتنوع لهذه الجنة ، ماهي الأسرار التي يستر ما بداخلة ، فبحسب التعريف اللغوي أنه من الغير الممكن أن يرى إنسان المستور إلا إذا طاف في أسرار هذا البستان ،
قطعا ليست المناظر الطبيعية والأشجار والغابات والأنهار تعني الجنة فدولة ليتوانيا وهي أحد دول الاتحاد السوفيتي السابق من الدول التي تغطي 30% من مساحاتها العديد من البحيرات والغابات ومع هذا ففيها أعلى نسبة انتحار في العالم ، كما أن سويسرا تبلغ نسبة التعليم فيها 100% تقريبا، و تعتبر من أعلى عشرة دول دخلا للفرد بالعالم، ويمتاز اقتصادها بالثراء لا سيما وأنها تعتمد على التكنولوجيا في الصناعة. ولكن على الرغم من ثراء الدولة، وثراء شعبها يقدم الكثير من شبابها على الانتحار وهذا يعني أن الجنة التي نتحدث عنها ليس كما يزعم البعض في المساحات الخضراء والقصور الفارهة والحياة المرفهه فحياة كثير من المشاهير مليئة بالمفارقات وهناك العديد منهم انتهت حياتهم بالانتحار
بكل بساطة؛ المبشرون بالجنة الذي سنتحدث عنهم: هم أناس بسطاء لا يعيشون في الجنة وإنما الجنة تعيش معهم وكما قال ابن الرومي:
"الروح تستقبل من الروح تستقبل الروح من الروح تلك المعرفة، ليس عبر الكتاب ولا اللسان إذا حصلت معرفة الأسرار بعد خواء العقل، فهذه إصابة للقلب. فهذه إصابة للقلب"...
معرفة أسرار الجنة تلك المعرفة التي نبحث عنها ، والسر هنا في معرفة عظمة البستان العظيم وفي كونه غير مرئي ويكمن الشيء الجميل المستور ما بداخلها و في عدم مشاهدته بالعين المجردة ، لأننا نبحث دائما عن المرئي والمحسوس لأنه يدخل في دائرة حدود مشاهداتنا لكن هل جربنا أن نشعر بالغير مرئي في حساباتنا لنتجاوز الحدود
فاندفاع الأسود إلى الأمام ظاهر للعيان، بينما الريح غير مرئية؛ ليت غير المرئي لا يسقط من حسابنا. (ابن الرومي).
إذا فلنجرب نعيش الجنة في داخلنا.. إذا ما تجاوزنا حدود خيالنا الواسع, فالبستان العظيم أو الجنة لا تقع في حدود العين المجردة أو التفكير المنطقي, فالجنة ليست ما نعيش في داخلها وإنما ما تعيش هي في داخلنا.. فلتكن احد هؤلاء المبشرين بالجنة.
عبد الله عبد الإله سلام
المبشرون بالجنة 1330