عبر أحد الأصدقاء عن حبه للوطن قائلا: "مهما يتوقعون بعد الحوار.. لا أفهم أية لغة سوى أنك ستبقى وطني الحبيب لا ينافسك أحد بقلبي .. أنت حبي الأوحد بعد حبي لخالقي .. لا أرى سواك في الوجود يا وطني ليس لك مثيل بخلدي أنت كل شيء أنت الحب أنت الصفا أنت الحاضر أنت المستقبل أنت الكون كله"
فوجدته يتحدث عن الوطن -المتألم المتوجع النازف - وكأنه شيء خيالي .. فمتى ندرك أن الوطن هو أنت يا صديقي وأنا والأم الذي تدعو لنا، والزوجة التي ترعانا وتهتم بنا، والولد الذي نسعى لإسعاده وترف قلوبنا لمجيء أحفاده.. الوطن هم أولئك الضحايا الذين قتلتهم يد الغدر والخيانة والوطن هم الذين ما يزالون ينتظرون ذلك القتل لا لشيء إلا لأنهم وطنيون بحق، الوطن هم أولئك الذين غيبهم الظالم السجان في ظلمات السجون لأنهم طالبوا بالحرية .. الوطن هو تلك الفتاة التي دافعت عن شرفها فأبى الظلم إلا أن يرميها في غيابة السجون لتنتظر حكم الاعدام، الوطن هو ذلك الطالب وتلك الطالبة اللذان يفترقان إلى أدنى ضروريات التعليم، الوطن هو ذلك المعلم والمعلمة اللذان لا يجدان ذرة كرامة في العيش واللذان يعانيان من الافتقار لأبسط الحقوق الإنسانية. فكيف وهم مربون الأجيال، وصناعي الأبطال يتخرج من تحت أيديهم كل مخرجات الوطن، الوطن هو تلك الجامعة التي تفتقر إلى المعيارية وتركبها الاعتبارية من رأسها إلى ساسها، الوطن هو تلك المستشفيات التي يدخلها المريض يتهادى بين شخصين ويخرج محمولا فوق رأسين، الوطن هو تلك المؤسسات الصحية التي تفتقر إلى أدنى الخدمات الصحية والتي تعاني من المرض، الوطن هو تلك المؤسسات التربوية التي هي في أمس الحاجة إلى التربية، الوطن هو تلك المؤسسة العسكرية أو مؤسسة الحماية التي هي في أمس الحاجة إلى الحماية ، الوطن هو كل أولئك المهمشون والمهشمون والمكسرة عظامهم، الوطن هو تلك الأسرة التي تحوي (الأرملة وأولاد الشهيد) الأسرة التي بلغ منها الجوع مبلغه ، الوطن هو ذلكم الجرحى والمعوقون الذين ضحوا بأطرافهم ليصبحوا ويمسوا قعيدين حتى ينهض الوطن (أنا وأنت وهي وهو).. الوطن هم ذلكم الشهداء الذين قدموا أنفسهم وأرواحهم وحياتهم وتركوا وزوجاتهم وفلذات أكبادهم ليحي الوطن (أنا وأنت وهو وهي) الوطن هو أعمدة الكهرباء التي تقصف باستمرار، الوطن هو الأمن المطمئن و الذي يغتال كل يوم وكل ساعة على مرأى ومسمع من الأحياء (أنا وأنت وهي وهو) ، الوطن هو ذلك الاقتصاد أو الرزق الرغيد الذي يهرول كل يوم نحو الانحدار، الوطن هو تلك السماء التي تمتهن سيادته وكرامته تلك الآلة الأمريكية أو الطائرة بلا طيار، الوطن هو جبال صعدة التي تتمترس فيها القوى الظلامية الحوثية الإيرانية التي تقتات على أشلاء سنة دماج وترتوي بدماء اليمنيين في كل أنحاء اليمن ... فأي الوطن تحب وأي الوطن تعشق وأيه يمثل لك الكون كله !!
ما أسهل أن نتغنى بوطن خيالي وما أسهل في الوقت نفسه أن نخذل واقعه المرير !! وما أصعب أن نتحدث عن آلامه وأحزانه وما أعسر أن نضيء ولو بقعة ظلام لنعري ظلاميا يعيش فيها ويحل ظلامه وظلمه على من فيها ليحل محلها بقعة ضوء.. الوطن يحتاج منا حبا فعليا لا تغنيا لفظيا.. و"بحثت عن هبة أحبوك يا وطني.. فلم أجد إلا قلبي الدامي" .
كثيرون الذين يكون لهم الوطن عبارة عن شعار لتراهم قائلين: اليمن في القلوب وحقيقة أمرهم "اليمن في الجيوب" وقليل هم أولئك الذين يمثل لهم اليمن "دثار" لا شعار ويجعلون دماء قلوبهم وقوداً للانتصار.
د.حسن شمسان
الوطن..هو أسرة الشهيد وذلك القعيد 1537