إنه شعور يدب دبيباً في العظام ويمكنه أن يهزك بعنف إذا سقطت بين براثينه القوية الحادة، فلماذا لا تكف عن هدر وقتك وجهودك؟ شارداً وراء التفكير في النجاح الذي حققه آخرون.
الحسد: كلمة صغيرة تعبر عن مشاعر صغيرة ومع ذلك من منا لم تنتابه مشاعر الحسد أو لم يتعرض للحسد؟ أعرف أستاذاً جامعياً وطبيباً كاد يقتله الحسد عندما جرى تعيين أستاذ آخر عميداً لكلية الطب في تلك الجامعة التي يعملان فيها، إنه لا يفتأ يقول: "أنا أستحق هذه الوظيفة وقد انتظرتها طيلاً"، ولكن كيف يمكن للإنسان أن يحسد شخصاً لا يعرف ولا يعمل في مثل حقله؟
والمؤسف في الحسد نفسه أن ينشأ عندنا ونحن مركزين على الجانب السعيد فقط في حياة من تحسده، إن ما هو مزعج في الحسد كونه لا يساعد بأي شكل من الأشكال، وهو على عكس بعض المشاعر المزعجة الأخرى كالغضب ـ الذي نعتبره تعبيراً صحيحاً في بعض الأحيان ـ لا يلعب أبداً سوى دور الدودة داخل التفاحة.
لا ينشط العزائم بأي شكل من الأشكال توجهه نحو شخص أكثر نجاحاً منك أداء أو أسعد حظها، أغني، أجمل، أذكى، أسعد، أقوى، أكثر إثارةً ونشاطاً..
حسد المشاهير:ـ يمكننا البدء بالحسد الذي يشعر به معظمنا أحياناً تجاه شخصية بارزة أواخر مشهور، وهو الأقل ضرراً ربما، وأقل أنواع الحسد تحطيماً للذات، أكثر من يحسد النساء الشهيرات نساء من نفس جنسهن كذلك هو الحال في الرجال.
عندما نحسد إحدى الشهيرات لا نرى فيها عادة سوى ما تملكه ولا نملكه ما يتوفر لها دوننا ولكننا لو أزددنا معرفة بحياتها لاكتشفنا أشياء نشأت على هذه الشهيرة بسببها.
الحسد اليومي: جميعنا عرضة لمشاعر الحسد؛ لأن نقاط الضعف موجودة عندنا كلنا عندما نشاهد شخصاً آخر يملك ما نرغب نحن به سواءً كان؛ـ مالاً أو وظيفة أو سيارة فارهة أو فلة ضخمة أو عمارة متعددة الأدوار أو زواجاً موفقاً، نتجاوب نحسد وحتى نخفي مشاعر الحسد هذه غالباً ما نتظاهر بعدم اللامبالاة ولكننا لا نستطيع أن نخدع أنفسنا هكذا بل نُعرف والرجل الذي نحسده يعرف عادة هو الآخر.
عندما تحسد أحد المقربين منك على شيء، تتناسى أنه الآخر ربما يحسدك أنت على شيء آخر، يحدث في بعض الأحيان إن ما يساعدك على تجنب آلام الحسد ومرارته ابتعادك عمن تحسده رغم تعلقك به.
الحسد الكبير: ـ سم زعاف:ـ هناك نوع من الحسد يجتاحك ويستحوذ عليك فيمنحك من التفكير بأي شيء آخر أو ممارسة أي شيء في حياتك وإذا نظرنا حولنا فلا نشعر إلا بالحسد، جمال امرأة أخرى أو وظيفة شخص آخر أو زواج هذه أو تلك، نتعرض لأضرار صحيةً ومخاطر زوال احترامنا لأنفسنا، تهتز ثقتنا بأنفسنا هذا الحسد الهائل الذي كثيراً ما يستحوذ على الذات تصبح بحاجة إلى مساعدة طبية نفسية طالما يضرب الحسد الشديد ضربته يلازمك كالعدوى المزمنة فيبدأ الإحساس لديك بأنك فاشل وينفر منك الجميع وتجد نفسك وحيداً وتصبح عرضة لمشاكل كبيرة.
نستنتج مما سبق أن من يعترف في ذهنه وقرارة نفسه بالحسد ينعم بالراحة ولكن شريطة إخراج هذه المشاعر السيئة من الأعماق بدلاً من تركها تنمو وتترعرع هناك، وهناك تكبدك آخر بنفس السهولة، حيث يمكنك أن تضع لنفسك أهدافاً معقولة وتتوقف عن مقارنة نفسك بكل من تقع عليه أنظارك، حيث يفيدنا ذلك بالقبول بأنفسنا، كذلك يساعدنا أن نكتب جدولاً بما هو متوفر لنا فعلاً وما أنجزناه حقيقةً وقائمةً أخرى تسجل فيها ما تشعر أنه ينقصك في حياتك من حاجيات ومتع، ويمكنك أن تتعلم القبول بنجاح الآخرين وأهم ما يعيد الثقة بالنفس هو الإيمان بهذه الحقيقة وهي أن معظمنا ليسوا بحاجة للحسد، كما نحتاج كذلك إلى تقديم وإعادة تقويم أحلامنا ورغباتنا وأهدافنا، وفي النهاية نحتاج جميعاً إلى أصدقاء ومحبين من ذوي القلوب الكبيرة ـ يفرضهم وجودنا معهم ـ أولئك الذي تبقى أرواحهم المعنوية عالية ومرتفعة ويحافظون على حيويتهم رغم خيبات الأمل التي تأتي بها الحياة.
د. عبد السلام الصلوي
كيف تتعامل مع الحسد؟ 1424