مر زمن ليس بالطويل على قائمة طويلة متراكمة من الأحداث المدمرة والغامضة, اجتاحت رياحها العاتية أرض بلادنا الحبيبة. أحداث كبرى اهتز لها الوجدان الإنساني في شتى بقاع المعمورة! وقائع متفرقة, متتابعة, ومجهول لنا فاعلوها حتى لحظة كتابة هذه المقالة! بدايةً بفاجعة جمعة الكرامة, وحرق الساحة في تعز, ومروراً بانفجار مسجد دار الرئاسة, ونكبة الجنوبيين في أبين, و مقتلة ميدان السبعين, وحادث حضرموت, وغيرها كثير, ثم أخيراً جاء الهجوم على مجمع العرضي.
كل هذه الأحداث الجسام التي سبقته لم تنل القدر ذاته من الفضول الإعلامي, والاهتمام لمعرفة هوية الجناة! لم يشحذ الإعلام ألسنته, ويلح في المطالبة بالكشف عنهم كما هو الحال مع قصة الهجوم على مجمع العرضي! سمعنا تحليلات سقيمة, ولقاءات مطولة, ونقداً لاذعاً, وتفنيداً دقياً للتقرير الأولي الذي تلته علينا وسائل الإعلام الرسمي عقب مرور أربع وعشرين ساعة على الحادث تثير الاستغراب, وتذكرني بالمثل الشعبي القديم " حبتي و إلا الديك "! فقد الكثيرون التهذيب في خطابهم مع رئيس الجمهورية " عبد ربه هادي " وبدوا كأنهم أساتذة متعنتين, يوبخون تلميذاً, ويمارسون عليه القمع النفسي! ولسان حالهم يقول: كنت متواجداً, وعرفت الجناة, فأخبرنا من هم وإلا فلن نكف ألسنتنا المأجورة عنك!.
فهل كان هذا الإلحاح والإصرار على معرفة الحقيقة مع كل ما سبق من حوادث إجرامية قصمت ظهر الوطن ؟! وكلها جرائم عظمى, وغريبة على مجتمعنا اليمني, وبعيدة عن سلوك الشخصية اليمنية!! والله عار عليكم يا أهل بلاط " سيدة الجلالة " التمسك بالقشور والتلاعب بمثل هذا المشهد الذي تقشعر لهوله الأبدان, ويجمد لوقعه نبض القلوب!! كلنا يريد الكشف عن الفاعل الحقيقي, اليد المحركة لهذه الروبوتات القاتلة, لكن استخدام الحدث لأغراض ضيقة أمر مؤلم بقدر إيلام ما حدث!.
سبق وشاهدت فيلماً أمريكياً عن ( روبوت معد للقتل ) وفي لحظة ما, ينفلت زمام أمره من بين يدي صانعه, وينقلب السحر على الساحر, فينطلق الروبوت ليقتل كل شيء يتحرك أمامه, حتى قتل صانعه!! وهذه الأمساخ التي رأيناها مساء الخميس على قناة اليمن الرسمية, وهي تتحرك ببطء, وتقتل بدم بارد, هي والله أقبح من ذلك الروبوت, فلعنة الله على صانعيهم, ولسوف نبتهل جميعنا لله جل وعلا لتأتي تلك اللحظة التي ينفلت فيها زمام أمرهم من يدي صناعهم فينقلبون عليهم, ويريحوننا من شرورهم, ويذهبون معاً بوجوههم الجهنمية لسقر, وبئس المصير والمستقر, وهناك سيجدون متسعاً من الوقت فيتلاعنون:" وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا, ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا" "الأحزاب 68, 67" وسيتبادلون الحوار ( قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً في النار, قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون, وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون" (الأعراف 39, 38)!! وما ذلك على الله بعزيز و "إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً ".
وعلى الباغي تدور الدوائر..
نبيلة الوليدي
الروبوتات القاتلة.. من يصدرها لليمن ولماذا؟! 1563