مؤلم وقاسٍ جداً ، أن تدافع عن شرفك وعرضك وكرامتك ، أن تعيش وسط جبال وأكوام من الوحوش المفترسة وفي ليل أسود حالك ، والأشد إيلاماً أن تكون تلك الوحوش منتمية لبني الإنسان ومن جلدتنا وبني بلدتنا وأمتنا ، وينتمون إلى دين محمد-صلى الله عليه وسلم- صاحب الشريعة السمحاء ، ثم بعد أن تلجأ للدفاع عن نفسك تجد جسدك النحيل والشاحب خلف أسوار القضبان وعلى بعد أميال صغيرة من مقصلة السياف بحكم قضائي لا ينتمي لمهنة القضاء أو ينتصر لإنسان أو صاحب حق ، ذلك هو بعض ما يمكن أن نصف به حال السجينة رجاء الحكمي ، من دافعت عن شرفها وشرف كل فتاة يمنية وقادة ثورة محلية مصغرة بينها وبين وحوش وكلاب البشرية.
صعب جدا أن تتخيل الموقف والمشهد الذي يبدو أفظع وأكبر من ذلك، السجينة رجاء علي منصور أجبرت على الدفاع عن شرفها بقتل شخص حاول التسلل إلى منزل والدها بوقت متأخر من الليل وفي قرية ريفية بمديرية حزم العدين بمحافظة إب وقد شهدت قصتها فصولاً مؤلمة منذ وقوع الحادثة ومروراً بالنيابة وإجراءات محاكمتها الابتدائية والاستئناف وكان الرابط الوحيد لتلك الأحداث المعاناة والألم والقساوة التي آلت إلى الحكم بإعدامها ، ورغم أن الحكم الابتدائي قضى بالسجن لعامين ودفع الدية ، لكن الاستئناف قضى بالإعدام لتأتي المحكمة العليا وتعيد الحكم الاستئنافي لمحكمة استئناف إب لإعادة إجراءات المحاكمة من جديد وحاليا تجري الشعبة الثانية بمحكمة الاستئناف محاكمتها ويأمل كثيرون أن ينتصر القضاء للسجينة ولقضيتها لا لشخصها بحد ذاته ، مؤخرا زرت السجينة الحكمي ووجدت حالها تغيير للأسوأ وزادت معاناتها قساوة وألما فضيعا ، رغم اعتزازها بوقوف الرأي العام وعدد من الناشطين والناشطات بجانبها ، فقد أعيد أمل الحياة إليها رغم مخاض الفترة التي تعيشها ، ولابد علينا جميعا من الانتصار لها ولقضيتها قبل أن يفجعنا الواقع بحكايات أفظع ، فلم تعد مشكلة رجاء شخصية بل قضية المجتمع وكل فتيات اليمن حينما يقعن بنفس الكارثة ، وحين زيارتي للسجن المركزي بمحافظة إب للأمانة لم تكن رجاء وقضيتها هي الأولي ويبدو أنها لن تكن الأخيرة إذا لم يتكاتف كل شرفاء وعقلاء المجتمع بقضايا شائكة كهذه القضية ، هنالك سجينات كثيرات متشابه قضاياهن مع قضية رجاء بل وبعضهن أكثر ألماً مما نتصور ، وحين سمعت وقرأت ملفاتهن استغربت أن أناس يحملون قلوبا متوحشة وهم بين أظهرنا وبتلك القضاعة ، وعلى كل فقضية رجاء وصلت للإعلام وراعت المحكمة العليا هذه القضية فأعادت محاكمتها وعلى الإعلام أن يتحمل مسؤوليته بمناصرة قضايا الإنسان حتى يكون عوناً من لا عون له ولا نصيراً معه ، ولا يمكن أن نسيء للقضاء أو نشكك فيه خصوصا وأن الحكم الابتدائي كان منصفاً فلعل من سيتولى قضيتها سيستشعر حيثيات الحكم الابتدائي والدفاع عن الشرف وسينتصر لقضيتها وآملنا بهم كبير، ولعل البعض يقول لما الدفاع عن السجينة فلربما قتلت بعمد أو غير ذلك من الشبه المحيطة بالقضية؛ فنقول القضية واضحة أن يأتي شخص قرب منتصف الليل إلى أمام المنزل وفي منطقة ريفية معروف عنهم أنهم يذهبون للنوم باكرين ، حتى وإن كانت المرأة سيئة فليس من الدين أن يتم إعدامها فما الذي آتى بالشخص بوقت كهذا ، رغم أن كثيراً من الأحداث كانت عفوية كتصرف أي فتاة تجاه شخص حاول النيل منها ، آملي كبير بانتصار القضاء لها وآملنا أيضاً بمساندة الناشطين والناشطات ومنظمات المجتمع المدني وشباب الثورة وقبل ذلك لنا آمل برئيس الجمهورية أن يتدخل شخصياً لإنقاذ السجينة رجاء الحكمي إن أصدر القضاء حكماً بإعدامها من جديد.
في النفس غصص وآهات ولدى القلم أنات سنحبسها إلى آجل مسمى وبانتظار إعلان الحكم الذي سيصدر عليها خلال الأشهر القليلة القادمة حفاظاً على قضيتها وروحها المعلقة بين الحياة والموت.
محمود الحمزي
السجينة رجاء الحكمي والأمل بانتصار القضاء لقضيتها 1614