إن قدرات أية أمة تكمن فيما تمتلكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع أي جديد بكفاءة وفاعلية، ولذلك صار عقل الإنسان, فهم الإنسان, وعي الانسان هو صانع التنمية وهدفها، وأن مهمة الدولة المدنية المعاصرة وقيادتها المعاصرة توسيع خيارات الناس وكل أبناء الشعب، لتمكينهم من الحصول على الموارد وهذا ما نريده أن يتحقق من ثورات الشعوب وأن المطلوب تحقيق مستوى حياة كريمة، وخالية من الأمراض والإعاقة، واكتساب المعارف التي تطور قدرات الناس الإبداعية، وتحقق ذواتهم..
وللأسف أمتنا العربية ليس لها مشروع من الأحياء واللا أحياء وإنما الغالب مازال يحمل مشروع الأموات ليحي به الأحياء فيميتهم ويجعلهم يتقاتلون ويتناحرون على الأموات وحسبنا الله ونعم الوكيل..
إن حياة أمتنا العربية بحاجة ماسة إلى رجال ونساء التنمية والتطوير في كافة المجالات ومالم يكن هذا هدف كل مكونات الأمة فإننا سنعيش في حلقة مفرغة، ذلك أن كل عمل إنساني يعتريه النقصان ويحتاج إلى التطوير والتحديث ـ وفقا لمتغيرات الزمان والمكان ـ وقبل ذلك نحن أمة رسالة عالمية يتطلب أن يرتبط أي مشروع تطويري بالمنهج الرباني للخالق سبحانه وتعالى الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [فصلت:42] .
الذي يراعي في التطوير مكونات الإنسان الروحية والعقلية والجسدية والوجدانية والسلوكية، والتعامل معه وفق ذلك، فالغيب أو الوحي مصدر من مصادر المعرفة، ومن الوحي جاء القرآن الكريم والسنة النبوية كمنهج شامل ومترابط يتعامل مع الإنسان ككل متكامل، وليس كقطع متفرقة، ولهذا فالأمة الإسلامية لديها إمكانات بلورة تنمية متكاملة ومتوازنة، لأنها تملك أصول الرؤية المنهجية الراشدة من الله تعالى خالق الإنسان القائل : " الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى " [طه:50]، فالقرآن الكريم احتوى على أصول مشروع التنمية الإنسانية ضمن مفاهيم الاستخلاف (كالتزكية والإعمار والتنشئة والهداية والتربية والحياة الطيبة)، والسنة النبوية أعلت من مكانة الإنسان وتنمية قدراته والمحافظة عليه من خلال دعوتها للمحافظة على النفس والصحة وتوفير الغذاء والكساء وتحقيق الأمن النفسي والمحافظة على سلامة العقل واتباع السلوك الإيجابي والحث على طلب العلم وتوفير مستلزمات
العمل، ومكافحة الفقر، والمحافظة على البيئة بكل مكوناتها من ماء ونبات وحيوان وهواء وأشجار وتنوع حيوي وطرقات... الخ، وهذا يتطلب علماء شرعيين معاصرين استراتيجيين مستوعبين أهداف مراكز واستراتيجيات الحضارة الغربية وثقافتها ومتطلبات الأمة المعاصرة، وإعداد مشروع متكامل لمراجعة تراثنا الثقافي والفقهي والتربوي المعيق للانطلاق والمجدد لصراعات الماضي السلبي واختيار ما يتوافق مع القران الكريم، واحاديث الرسول الصحيحة التي لا تخالف القران، وما يواكب المقاصد العامة للإسلام، وفق مشروع استراتيجي يستلهم متغيرات العصر ومتطلباته، والله الموفق
محمد سيف عبدالله
الإنسان هو صانع التنمية وهدفها 2296