بعض الناس يسيئون إلى أنفسهم بصورة متمادية لأسباب كثيرة وأهمها الجهل واللا مبالاة فيتسببون في إلحاق الأذى بصحتهم وحينما يبدأون الركض لتصحيح الأمر، يكون الوقت في معظم الأحيان متأخراً وهم ما أقدموا على هذه الإساءة الذاتية إلا سعياً إلى لذة شخصية مؤقتة تجعلهم يدفعون الثمن غالياً فيما بعد وأبرز مثال على ذلك أولئك الذين يعملون ويلعبون ويسهرون أو ينامون، يدخنون، يخزنون القات، يأكلون أو يشربون بشراهة وبلا حساب دون الأخذ بعين الاعتبار ما لأجسادهم عليهم من حقوق يجب مراعاتها ضماناً لعدم الوصول إلى مالا تحمد عقباه.. لا يذهب أحدهم إلى الطبيب إلا إذا وصل حد الأعياء التام وإذا قدم إليه هذا الطبيب النصيحة والعلاج عمل بها لبعض الوقت تحت ضغط الألم والخوف ثم تخلى عنها من بعد الشفاء ليعود إلى سيرته الأولى، غير مدرك بأن المرض يكمن له بالمرصاد خاصة إذا لم يستكمل جرعة الدواء كاملاً ومنها المضادات الحيوية، حيث تكتسب الميكروبات مناعة ضد تلك المضادات الحيوية ويصبح المرض متحفزاً منتظراً ثغرة ينفذُ منها ليعود ويتمكن ويستقر ويبدأ الندم، حيث لا ينفع والتحسر، حيث لا يجدي..
إن السباق محموم بين الداء والدواء، صحيح أن الدواء يتطور ولكن الصحيح أيضاً أن الداء يظهر كل يوم بأشكال وأسماء جديدة وما لم يقتنع الإنسان بجدوى وأهمية الوقاية فسيظل يسقط العديد من الضحايا يومياً نتيجة العدوى والإصابات البكتيرية والفيروسية، والوقاية لا تعني أن يحرم الإنسان نفسه من متع الدنيا بل ممارستها ببعض الاعتدال و"درهم وقاية خير من قنطار علاج".
د.عبدالسلام الصلوي
من القلب!! 1168