عندما نكون قادرين على استخلاص المتعة من مجرد وجودنا على قيد الحياة، والامتلاء سروراً مما تكشف عنه الأحداث، والشعور أننا مرتبطون بهذا العالم الذي يحيط بناء.. تساهم هذه المشاعر جميعها في امتلائنا صحة وعافية وجعل حياتنا هادفة، فكيف تولد هكذا مشاعر؟, كيف نبتدع طاقات جديدة لأنفسنا ولبلادنا بكاملها؟.
إذا بحثنا عن أعظم مرض يعاني منها البشر في هذه الأيام وخاصة اليمنيين بسبب الاختلالات الأمنية والاختطافات والتفجيرات التي تحدث في كل مدننا بشكل يوحي على الاحتراب القبلي في مناطق في شمال اليمن في صعدة ودماج والاضطرابات في بعض مناطق الجنوب واستهداف المستشفيات والمقار الأمنية والعسكرية في مناطق عدة من يمننا الحبيب, كل تلك الأحداث تولد في شعور المواطنين الإحباط والخوف والضجر والتشاؤم, فهم يشعرون بأن لا حول لهم ولا قوة أمام الأحداث المتلاحقة التي تسيطر عليهم تمام السيطرة, إنهم يرون مدخراتهم ومداخليهم تضمحل أمام التضخم..
فإذا كانوا في المدن الكبيرة فإنهم يخافون التعرض للمهاجمة والسرقة في ظل الانفلات الأمني في بلد أصبحت الدولة عاجزة عن حماية منشآتها ومقراتها وخير دليل على ذلك استهداف أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز وآخر حادث استهداف مجمع وزارة الدفاع والمستشفى العسكري التابع للمجمع حيث سقط نتيجة تلك التفجيرات المروعة العشرات بين قتيل وجريح وغالبية الضحايا هم من الكوادر الطبية العاملة في هذا المرفق الطبي, وعدد من هؤلاء الضحايا من الأجانب من جنسيات مختلفة.. فبأي ذنب يقتل هؤلاء ملائكة الرحمة؟، كل الشرائع السماوية تجرم استهداف المنشآت الصحية والطبية والكوادر العاملة بها من أطباء ومساعدين وممرضين وفنيين وغيرهم.
إن كافة المواطنين قلقون من عجز المجتمع عن الإفادة الكاملة من الناس الذين لديهم ماله قيمته والذين يرغبون بتقديمه وعرضه، يقرأون عن انتشار التلوث في الهواء والماء والطعام نتيجة انبعاث الغازات المتصاعدة في الجو من عوادم السيارات, كما يتعرض الماء الذي نشربه والطعام الذي نأكله للتلوث من مصادر أهمها الأسمدة الصناعية والمواد الكيماوية التي تستخدم لرش المزروعات الكثيرة من أشجار الفواكه والخضروات وأغلب تلك المواد الكيمائية سامة وخطرة وتدخل إلى البلاد بطرق غير مشروعة.
إن المواطن العادي يعيش في حالة ذعر دائم من تلاحق تلك الأحداث وما يواجهه في حياته اليومية من مشاكل حياتية وأزمات وأحداث مقلقة بحيث لا تتوفر لهم ما يدعوهم إلى الثقة بقادة ومسئولي البلد.
طالما هكذا هي أحوال المواطنين يصبح بإمكانهم أن ينظروا إلى العالم بشعور لا رهبة فيه, بل بآمال عظام وتفاؤل كبير، فالحياة ثمينة لأن لا حدود لروعة الأحاسيس البشرية، فنحن قادرون على أن نتجاوب مع الأحداث ومع ما هو جيد وصحيح وجميل، لدينا الطاقة لنحب ونستجيب إلى الحب, فنحن شعب مؤمن صبور وصاحب تاريخ وحضارة، لقد شهدنا في حياتنا توسعاً كبيراً في تعريف الفردية البشرية.
إن الحياة ثمينة وبالتالي فنحن قادرون على خلق أسبابنا الذاتية لنرسم بها النتائج التي نريدها، يمكننا الغوص في تجارب الحياة التي خاضها أسلافنا لنستفيد منها في مجال تحسين حاضرنا ورسم مستقبل أبنائنا، إن الطاقة الأساسية للشعب الذي نشد التغيير ويتغنى بالديمقراطية والحكم الرشيد وينشد الأمن والأمان والعدل والكرامة الإنسانية, كل تكلك الأماني والأحلام لا بد من الدفاع عنها وهي من أهم واجباتنا ومسئولياتنا في هذا في البلد، بل بسكان هذا الأرض كافة.
ومهما كانت حدود إمكاناتنا ومهما كان ارتكابنا للأخطاء كبيراً يبقى أن ما ينبغي عمله اليوم يقع ضمن حدود طاقاتنا، ليس مطلوب منا أن نعيد ترتيب الكواكب في السماء، ليس مطلوباً قيامنا بالمعجزات، المطلوب منا هو اتخاذنا لقرارات لها تأثيرها على حياتنا وعلى مصالحنا الذاتية، فالثمن الوحيد الذي دفعه مقابل البقاء في وطننا أحرار أعزاء كرماء هو ألا نستسلم لليأس والقنوط والتخاذل وعلينا اتخاذ القرار في الدفاع عن هويتنا وأن نقاوم خفافيش الشر والفساد الذين يزرعون الخوف والرعب في عقول مواطنينا.. وسوف تسير قافلة التغيير والبناء في هذا الوطن بفضل الله وبفضل الشرفاء من أبناء هذا الوطن المعطاء حتى يصل إلى بر الأمان، وسوف تسير القافلة وتظل الكلاب تنبح.
د.عبدالسلام الصلوي
رسالة إيمان وتفاؤل للمستقبل 1369