;
علي السورقي – شيفيلد  المملكة المتحدة
علي السورقي – شيفيلد المملكة المتحدة

تونس بين ربيع الثورة وشتاء النهضة 2421

2013-12-06 08:40:26


من رحم العروبة تونس الخضراء وصلب الربيع العربي الشاب.. ولد المارد الثــوري العربي مولوداً شرعياً نطق التغيير فتيـاً وتحنك بالحرية أبياً حيث اتخذت تونس العروبة والإسلام مكاناً ثورياً فنـادها " البو عزيزي " أن لا تهني ولا تيأسي وهزي إليك بهـام التغيير تتساقط عليكِ الأنظمة الديكتاتورية إذلالاً .

 تونس التحدي والتغيير وانطلاقة الثورة العربية الشبابية الكبرى ضد الأنظمة المنبطحة في بيت الطاعة البيضاوي وأخواته الشقراويات والمتأسدة على المواطن العربي قهراً وظلماً واستبداداً. تونس هي باكورة الربيع العـربي وإنتاجه الثوري الشاب كما هي ذروة سنام التغييـر قال أبناؤها الأحرار تبـاً للمستحيــل فهزموه في عُقر داره العنكبوتي وفي عُجالة مرتبكة ولى هارباً يحمل أمتعة الخوف وحقائب الهزيمة إلى حيث يجب أن يُقيم مع أمثاله الأشباه من الخونة والمتآمرين في طبيعة تكويناتهم الفسيولوجية على الأمة العربية من ملوك وأمراء دول الطوائف النفطية أبناء التأمرك وأحفاد التصهين آل مردخاي تونس العروبة والإسلام انبرت بالأمس الربيعي تصافح أكفُ الحرية وتجسد معاني التغيير على الواقع العملي منطلقة في مسار جديد يُبشر بالخير ويُعمق التجربة الثورية على أرضية مستنيرة من المكونات الشبابية منظومة الاتحاد العام التونسي للشُغل والقــوى الاجتماعية بكل مشاربها الفكــرية وانتماءاتها السياسية وتجسيد للمفاهيم الثورية في تشكيل نظام الحُكم على أُسس ديمقراطية خاضت تونس الثورة أول تجربة ديمقراطية بعيداً عن سلطة الزعيم وبوليسية صاحب الفخامة وتدخل العسكر من خلال ممارسة ثقافة الترهيب والترغيب وتسخير المال العام وأدوات مؤسسات الدولة في الدعاية الانتخابية بين قوسين تجديد البيعةً " لبائع الوطن وخائن الأمة من هذا المنطلق وعلى هذا الأســاس دخلت القوى الثورية لُعبة السياسة بتعريفها الثوري القيمي والإخلاقي ولم تكن تُدرك أن للسياسة تعريفاً انتهازياً يُمارس كـ " لُعبة قذرة " في عُـرف ثقافة الانتهازيين المجبلين على حب السلطة كما هــو حال كل الحركات والأنظمة التي تمارس سياسة الأمر الواقع وتُسلم به كحالة انتهازية أُحادية ولا تعترف بمكون المجتمع الشريك من منطلق فرضية وأن القانون الغابي لا يحمي الرفيق الثوري ؟ نعم لقد كانت تونس الشابي باكورة الربيع العربي وثورة الكلمة و القلم.. ثورة بريئة جسدت التلاحم الشعبي بين مكونات المجتمع على أساس من التوافق المنضوي في مشهد ثوري هدفه التغيير الجذري ثورة تُحافظ على الهوية والانتماء وتُجسد مفاهيم ثورية جديدة في البناء والتنمية البشرية والخدمية وفعل المواطنة المتساوية والمشاركة لكل مكونات الفعل الثوري في العمل السياسي إنتاجاً وفعلاً تنموياً وليس استهلاكاً للماضي بقالب ديمقراطي إقصائي من خلال فرض الأمر الواقع خلال مرحلة تأسيسه يقبل نظامها الثوري بالتوافق وإدارة المرحلة بين جميع المكونات بعيداً عن قانون الفُرص السانحة والاستقـواء بالمرجعية العليـا وثقافة المُرشد.

 نعم بحق لقد كان الشعب التونسي جديراً باللقب الثوري التغييري كاستحقاق لنيل الحرية وتأسيس دولة مدنية معاصرة توكب التطور السياسي في العالم المتحضر كشعوب وليس كأنظمة ترتدي ثوب الحرية وتمارس عكس الفعل.

 وأنـا هنا كصحفي عربي متابع لكل محطات الربيع العربي في مراحلها الثــورية أعتبر الثورة التونسية نموذجاً رائعاً يتميز عن كل الثورات الربيعية, حيث كانت الانطلاقة أنية عفوية التخطيط عنفوانية الهدف ثورة لن تُحلق في سمائها" السوخاف البنت أجونية" ولن يُدنس أرضها علوج الناتو, ثورة لن تُلطخ بمبادرة ملكية أو أميرية.. ثورة لا حصانة فيها لقاتل, لا مكان فيها بعد التضحية والفداء لمجرم أو فاســد ومع كل هذا أجد أن العملية الانتخابية التي دخلها الجميع على أساس تغليب مصلحة الشعب التونسي وانتصاراً للشُهداء كانت خدعة سياسية للقوى الحية وعملية مسخ مبرمجة قطرياً وهنا تمخضت اللُعبة فأنجب قوى أحادية ذات توجه تنظيمي عالمي عُرف عنه الثورية ظاهرية بيمنا يُطن التقليدية ويمارس ثقافة الإقصاء للقوى الحية والفاعلة إنتاجاً في المجتمع متخذاً من مسمار جُحـا "الديمغلاطي" ذريعة الأغلبيــة وهذا ما مارسته حركة النهضة التونسية كحزب فاز بالانتخابات في مرحلة لم تكن فيها القوى الثورية على قدر كافِ من الجاهزية ولم تكن تطمح إلى السلطة كغاية وهنا كانت حركة النهضة الفاعل المبني بالسلطة بدعم مادي ولوجستي نفطي وأخر ديني متأسلم مما أدى إلى انحراف المسار الثوري عن هدفه القدسي الذي عمل على تغليبه كل أبناء الشعب التونسي التواق للحرية وليس للكرسي وهذا نتج عنه كل محاطات الفوضى والاغتيالات للشخصيات الوطنية المعارضة ومؤسسة الجيش والأمن ومن المؤسف هنا حقـاً برز الثقافة التقليدية وعودة المرجعية الفكرية إلى الواقع بمظهر السياسة الاستعلائية ورافق هذا وذاك منهجية الصراع والانفلات الأمني بكل أشكاله الميشـاوية " الإنكشــارية " المختبئة قُحـاً خلف القوى التقليدية.. سـؤالي هنا هو هل ثار الشعب التونسي على الدكتاتور الفردي ليقع في بين مخالب الدكتاتورية الجماعية ؟ هل سيقبل بالعودة إلى مربع تصفية الخصوم والقبول بمبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي " ؟ أم سيقبل باستنساخ " المرزوقي - بن علي " ؟ " علماً مؤكد هنا أن كل التيارات التي تصدرت الفوز بعد العمليات الانتخابية الضبابية بعد ثورة الربيع العربي تبرر فشلهــا في إدارة المرحلة وتحقيق الأهداف الثــورية بما تسمية عطــاً " بالثورة المضادة " وهنـا أُجزم بأن الشعب التونسي الحُر لن يقبل بما يعتقده الأخر أمر واقع وسيظل يُصدر الثورة كتجربة وفكر للحرية والمدنية ولن يسمح بتصدير أبنائه " للجهـاد النوعي " إن لم إلى فلسطين القضية المصيرية للأمة وما أثق به كل الثقـةُ أن الشعب العربي التونسي المسلم سوف يستلهم التأريخ" بورقيبي" ويستدعي الحرية أبو القاسم الشابي ولن يسمح بتسـاقط أهداف ربيعـه الثوري التغييري في شتـاء حركة النهضة والذي يتوجب عليهـا أن ترتقـي بالفكر لتحاور به الشعب التونسي وقواه الحية الفاعلة من خلال الديمقراطية التوافقية وامتهان سلوك الحوار كمفهوم حضاري وبديل للمرجعية التأسلمية ذات التوجه الإقصائي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد